د. وفاء مروة بليطة ـ مونتريال *
مفهوم التدريس
يُعَدّ التدريس اليوم أحد مجالات المعرفة المنتمية إلى علم التربية، وهو من العلوم العملية والإبداعية في آنٍ واحد. ويبحث التدريس في أربعة مجالات رئيسية هي: المعلّم، والمتعلّم، والمادة الدراسية، وبيئة التعلّم. ويهدف إلى إيجاد صيغة متكاملة تربط بين إعداد المعلّم، ومستوى المادة التعليمية، وخصائص المتعلّم، والبيئة التي يعيش فيها.
وتركّز المؤسسات التربوية على إعداد المعلّم إعدادًا شاملًا من جميع جوانب شخصيته، الفكرية والانفعالية والقيمية والإبداعية، انطلاقًا من الإيمان بأن شخصية المعلّم هي محور العملية التعليمية.
ويختلف مفهوم التدريس باختلاف الفلسفة التربوية التي تنظم المناهج الدراسية في دول العالم. وغالبًا ما يُنظر إليه من خلال اتجاهين رئيسيين: الاتجاه التقليدي والاتجاه الحديث.
ففي ضوء الاتجاه التقدّمي أصبحت النظرة إلى التدريس أكثر شمولية، إذ يُعرَّف على أنّه كلّ الجهود التي يبذلها المعلّم لمساعدة المتعلّمين على النموّ المتكامل، كلٌّ وفق ظروفه واستعداداته وإمكاناته.
أمّا التدريس بمفهومه الضيّق فيقتصر على تنفيذ الدرس من قِبل المعلّم دون التطرّق إلى المتغيّرات والعوامل المؤثرة في العملية التعليمية. في حين أنّ المفهوم الشامل للتدريس يتناول العملية التعليمية كمنظومة متكاملة ذات أبعاد متعدّدة، لا تقتصر على غرفة الصف، بل تشمل أيضًا عناصر سابقة وأخرى لاحقة تؤثر في عملية التعليم والتعلّم.
ومن هذا المنطلق، يُعرَّف التدريس بأنه الجهد الذي يبذله المعلّم من أجل تعليم التلاميذ، متضمّنًا جميع الظروف المحيطة التي تؤثر في هذا الجهد؛ مثل نوع الأنشطة والوسائل التعليمية المتاحة، ومستوى الإضاءة والحرارة، وجودة الكتاب المدرسي، والأجهزة والوسائل السمعية والبصرية، وأساليب التقويم، إلى جانب عوامل الجذب والانتباه أو التشتّت. فالتدريس ليس مجرد خطوات تنفيذية داخل الصف، بل هو منظومة تشمل كل المؤثرات الداخلية والخارجية التي تحتاج إلى ضبط وتنسيق دقيق.
ويُلاحظ في أدبيات البحث التربوي أنّ المربين ينظرون إلى التدريس بوصفه عمليةً أو نظامًا يتكوّن من مجموعة من الأنشطة التي يقوم بها المعلّم والمتعلّم معًا، بهدف تحقيق أهداف تعليمية محددة.
اتجاهات تحديد مفهوم التدريس
تتعدّد الاتجاهات التي حاولت تحديد ماهية التدريس، ويمكن حصرها فيما يلي:
1. النظر إلى التدريس على أنه عملية نقل المعلومات من المعلّم إلى التلاميذ.
2. النظر إلى التدريس على أنه إحداث التعلم أو تسييره.
3. النظر إلى التدريس على أنه نشاط ديناميكي يقوم على ثلاثة عناصر: المعلّم، والتلميذ، والمادة الدراسية.
4. النظر إلى التدريس على أنه حدث يتم في شروط معينة بين عناصر العملية التعليمية الثلاثة.
5. النظر إلى التدريس على أنه عملية اتصال إنساني بين المعلّم والمتعلّم.
6. النظر إلى التدريس على أنه نشاط عملي تطبيقي.
7. النظر إلى التدريس على أنه منظومة من العلاقات والتفاعلات الديناميّة بين عدد من العناصر والمكوّنات.
8. النظر إلى التدريس على أنه عملية صنع القرار داخل الموقف التعليمي.
9. النظر إلى التدريس على أنه مهنة يمارسها المعلّمون في سياق تربوي منظم.
10. النظر إلى التدريس على أنه مجال معرفي منظم يقوم على البحث والتجريب.
*الدكتورة وفاء مروة بليطة باحثة تربوية وكاتبة متخصّصة في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، تمتد خبرتها من أفريقيا إلى كندا وتنزانيا.
ساهمت في تطوير المناهج الحديثة وتعزيز التعليم الإلكتروني، ونشرت مؤلفات رائدة حول تعليم العربية في المهجر.
تجمع بين البحث والتطبيق والعمل الميداني، فغدت صوتًا تربويًا بارزًا ورسالةً إنسانية عابرة للحدود.
50 مشاهدة
29 أكتوبر, 2025
242 مشاهدة
22 أكتوبر, 2025
230 مشاهدة
19 أكتوبر, 2025