Sadaonline

مارتن لوكاس: إسرائيل هي المعتدية الرئيسية في الحرب على إيران، وكندا في عهد كارني والحكومات السابقة وضعت نفسها باستمرار كشريك صغير في الإمبراطورية الأميركية

جماعات الضغط اليمينية الموالية لإسرائيل، والجماعات اليهودية اليمينية المنظمة، أساءت استخدام تهمة معاداة السامية إلى درجة أنها جعلت منها شيئًا مبتذلًا


دارين حوماني ـ مونتريال

مارتن لوكاس صحفي استقصائي كندي ورئيس تحرير موقع The Breach. عمل سابقًا كاتبًا في صحيفة الغارديان، وكتب لـ New York Review of Books ، Toronto Star, Walrus, CBC, ، وغيرها من وسائل الإعلام الكندية. وهو مؤلف لعدد من الكتب أبرزها: "مشروع بوالييفر: مخطط جذري لحكم الشركات" و"صيغة ترودو: الإغواء والخيانة في عصر السخط". 

صدر له هذا الشهر كتاب "عندما لم تكن الإبادة الجماعية خبرًا" When Genocide Wasn't News  تناول فيه كيف شوّهت أقوى وسائل الإعلام الكندية الإبادة الجماعية المتواصلة في غزة، مبرّرة العنف الإسرائيلي، ومُجرّدةً الفلسطينيين من إنسانيتهم، ومُشوّهةً الحركات الاحتجاجية المتنامية ضد الحرب في شوارع كندا. شاركه في تحرير الكتاب كلّ من دانيا ماجد وجايسن توني.

يُجسّد موقع "ذا بريتش"، الذي أسسه ويديره مارتن لوكاس، رؤيته في تقديم صحافة نقدية، وتُشكّل منصةً لمن لا صوت لهم. تحمل هذه المنصة بيان المهمة التالي: "وسائل الإعلام الكندية الرسمية لا تنقل الحقيقة كما هي - أو كما يمكن أن تكون... فهي لا تُشوّه قضايانا الأكثر إلحاحًا فحسب، بل تترك الناس يائسين من تغييرها. نحن نوفر منصة لأصوات نادرًا ما تجدها في وسائل الإعلام الرسمية، بالإضافة إلى تحقيقات وتحليلات ومحتوى فيديو حول أزمات العنصرية وعدم المساواة والاستعمار وانهيار المناخ - وكيفية التعامل معها".

 في هذه المقابلة، نتحدث مع مارتن لوكاكس حول مواقفه النقدية الجريئة، وأعماله الصحفية، وكتبه الأخيرة.

 

هل يمكنك أن تشاركنا تجاربك السياسية والثقافية أو الحياتية التي دفعتك إلى دعم القضية الفلسطينية والانخراط بشكل نقدي في قضايا الاستعمار والاحتلال والعدالة في الشرق الأوسط؟

سافرتُ إلى إسرائيل وفلسطين عندما كنتُ في العشرين من عمري - أي قبل عشرين عامًا. التحقتُ بالجامعة هنا في مونتريال في جامعة ماكغيل، وبدأتُ أنخرط في السياسة. كان لديّ أصدقاء يصطحبونني إلى عروض عامة لمفكرين فلسطينيين ومفكرين يهود مثل نورمان فينكلشتاين. وهكذا، بدأتُ أثقف نفسي بشأن الوضع. ثم، عندما بلغتُ العشرين من عمري، ذهبتُ في رحلة تُسمى "حق الولادة"، وهي رحلة مجانية مدفوعة التكاليف بالكامل للشباب اليهود في أميركا الشمالية. تُنظمها جهات خيرية ومنظمات تسعى إلى بناء علاقة أقوى بين يهود الشتات ودولة إسرائيل. وذلك لأنهم يدركون أن الشباب اليهود الأكثر ليبرالية بدأوا يتخذون مواقف نقدية وينأون بأنفسهم عن إسرائيل.

وهكذا ذهبتُ إلى هناك، وكان ذلك النوع من الرحلات التي تلمس فيها حائط البراق، وتركب الجمال، ومن المفترض أن تندمج مع الجنود الإسرائيليين الذين ينضمون إلى الرحلة، في محاولة لتعزيز السرديات الأسطورية التي يتعرّض لها كثير من الشباب اليهود في نشأتهم، على أمل أن يعودوا إلى أوطانهم مدافعين أقوى عن إسرائيل.

لكن تلك الرحلة لم تُحدث فيّ ذلك الأثر، لأني كنت أعرف مسبقًا ما أنا مُقدم عليه. كان هدفي الرئيسي هو الذهاب بعد ذلك إلى الأراضي المحتلة والعمل مع "حركة التضامن الدولية". كان ذلك في عام 2004، في أواخر الانتفاضة الثانية. وكانت حركة التضامن الدولية لا تزال منظمة قوية جدًا تقوم بعمل مباشر سلمي منسق ضد الاحتلال الإسرائيلي. لذلك عملت هناك لمدة شهر.

كنا نشارك في مسيرات قرب جدار الفصل العنصري، ونساعد الناس على عبور نقاط التفتيش، ونحاول إزالة الحواجز التي وضعها الجيش الإسرائيلي لمنع الحركة على الطرق الفلسطينية. كانت تجربة فتحت عيني على كثير من الحقائق، خاصة حين عدت إلى كندا وبدأت أقرأ تغطية الإعلام الغربي لما كان يجري هناك. أذكر أنني اكتشفت أن ما شاهدته بعينيّ كان يُقلب رأسًا على عقب في صفحات الصحف الغربية.

وهكذا، تحوّل الشعب الفلسطيني، الذي يتوق بشدة للسلام، في وسائل الإعلام الغربية، إلى شعبٍ مُصرّ على العنف. وأصبح المنخرطون في المقاومة السلمية، أو أحيانًا في رمي الحجارة، ندًا للطائرات المقاتلة والدبابات، وواحدًا من أكثر الجيوش تمويلًا في العالم: الجيش الإسرائيلي. وصُوّرت الحقائق الواضحة للعنف الإسرائيلي والمجازر التي يرتكبها على أنها دفاع عن النفس.

أعتقد أن هذا ما شكّل تحوّلًا عميقًا في داخلي، إدراكي أن الإعلام الغربي ينزع عن الفلسطينيين إنسانيتهم وتاريخهم، لتتمكن إسرائيل، على نحوٍ أفضل، من سلبهم حياتهم وأرضهم. وهكذا، كصحفي شاب، شكّل هذا حقًا طريقة تعاملي مع عملي، وكيف بدأتُ أفهم العديد من الصراعات الأخرى المترابطة، مثل النضال ضد الاستعمار من أجل حقوق السكان الأصليين وتقرير المصير هنا في كندا.

في الواقع، معظم عملي منذ ذلك الحين كان يتركز على قضايا الاستعمار هنا في كندا.

أتذكّر أن شخصًا قال لي محاولًا لفت انتباهي إلى أن الانخراط في التضامن مع الفلسطينيين فقط، دون الالتفات إلى نضالات السكان الأصليين هنا في كندا من أجل تقرير مصيرهم، يشبه إلى حدٍّ ما ما لو أن المستوطنين الإسرائيليين في غزة (كانت لا تزال هناك مستوطنات في ذلك الوقت) كانوا يسيرون في مظاهرات دعمًا لحقوق السكان الأصليين في كندا!

أتذكر أن هذا الكلام هزّني نوعًا ما. لا يعني هذا أنه لا ينبغي للمرء أن يشارك في النضال من أجل التضامن الفلسطيني والتحرر الفلسطيني، ولكنه يعني أنه كان علينا حقًا العمل بطريقة موحدة للنهوض بنضالات جميع الشعوب المستعمَرة حول العالم.

في الواقع، معظم عملي منذ ذلك الحين، على مدى العشرين سنة الماضية  -سواء في الإعلام أو في التنظيم السياسي- انطلق من قناعة بأن النضال ضد الاستعمار هو أساس لكل النضالات الأخرى.

 

في كتابك الأخير "عندما لم يكن الإبادة خبرًا"، تتناول تواطؤ الإعلام الحكومي الكندي في تدمير غزة. وتجادل بأن الكنديين، رغم مشاهدتهم الفظائع في غزة لحظةً بلحظة، فإن أقوى وسائل الإعلام في البلاد عمدت إلى تشويه الحقائق على الأرض، وتلميع العنف الإسرائيلي، وتصوير الفلسطينيين كأنهم مجرمون. هل يمكنك أن تخبرنا أكثر عن الحجج المركزية في الكتاب، وما الذي دفعك إلى تأليفه؟

أعتقد أن كثيرًا من الناس في كندا شعروا في أعماقهم بمدى العداء للفلسطينيين الذي طغى على تغطية الإعلام الكندي. ولهذا، بعد السابع من أكتوبر، بدأنا في The Breach  بإعداد تقارير صحفية نحاول فيها أن نقدّم أساسًا تجريبيًا صارمًا، لا يمكن الطعن فيه، لإثبات ذلك الانحياز بشكل لا يُمكن إنكاره.

اكتشفنا، من خلال تحليل عدد المرات التي يُعرض فيها وجهة النظر الفلسطينية مقارنة بالإسرائيلية، أو تحليل اللغة المستخدمة في توصيف مقتل الفلسطينيين مقابل مقتل الإسرائيليين أن هذا العمل كان له صدى عميق لدى الناس، لأنه أكّد مشاعر كانوا يعيشونها يوميًا، لكن يُقال لهم باستمرار إنهم مخطئون. كانوا يُقابلون دائمًا بعبارات مثل: "لا، في الواقع، الإعلام الكندي، أو حتى الـ CBC، هو مؤيد للفلسطينيين!"، وهو أمر مثير للسخرية، بطبيعة الحال.

لقد قمنا بعمل كثير يُظهر بوضوح لا يقبل الجدل مدى الانحياز ضد الفلسطينيين في الإعلام الكندي. ومن هنا، جاء الكتاب كامتداد لهذا العمل.

وفي مرحلة لاحقة، نشرنا تحقيقات استقصائية كتبها صحفيون سابقون عملوا داخل مؤسسات الإعلام السائدة - منهم من عمل في  CBCوقدّموا شهادات من خلف الكواليس عن الكيفية التي تعمل بها المعايير المزدوجة، والتعتيم، والتحيّزات المعادية للفلسطينيين، بشكل يومي، داخل غرف الأخبار، لصناعة دعم للرواية الإسرائيلية، بل لتبرير الإبادة الجارية.

لذا، قرّرنا أن هذا العمل الذي نقوم به، إلى جانب ما ينجزه صحفيون مستقلون ومؤسسات إعلامية مستقلة، يمثّل سجلًّا لحالة فشل أخلاقي عميق في الإعلام الكندي، وهو ما يستحق أن يُوثّق في كتاب. 

أردنا أن يكون الكتاب أداة مفيدة للناس الذين يعملون على هذه القضايا، وأن يصل بهذه الأفكار إلى جمهور أوسع، قد لا تصله تقاريرنا الصحفية المعتادة.

الكتب لها قدرة على الوصول والتأثير بشكل مختلف. الكتاب يتضمن أيضًا أدوات عملية للدفاع عن الحق في الإعلام. أحد محرري الكتاب هو جيسون توني Jason Toney، وهو يدير برنامج المناصرة الإعلامية في منظمة "الكنديون من أجل العدالة والسلام في الشرق الأوسط".

إلى أي مدى تعتقد أن هذا المستوى من السيطرة على وسائل الإعلام وقمع الأصوات المعارضة يُشكل الوعي العام في كندا - ربما يرقى إلى شكل من أشكال التكييف الأيديولوجي أو حتى غسل الدماغ الجماعي؟

أعتقد أن لوسائل الإعلام الكبرى والرئيسية دورًا بالغ الأهمية في تشكيل عقول الناس وتلقينها في كندا. ليس هذا الدور مطلقًا، ولكنه بالغ الأهمية. وهو أحد العوائق الرئيسية والمهيمنة التي نواجهها في دول مثل كندا أمام تحقيق تغيير اجتماعي جذري. أعتقد أن قوتها آخذة في الضعف.

وأعتقد أنه في حالة مثل الإبادة الجماعية المتكشفة في غزة، لم يعد عدد أكبر من الناس يثقون بتغطية وسائل الإعلام الرسمية، ويتجهون إلى بدائل مثل الإعلام المستقل.

برأيك، هل يمكن لوسائل الإعلام المستقلة أن تواجه بفعالية المؤسسات الإعلامية المهيمنة التي تعمل ضمن الإطار الأيديولوجي للقوى الاستعمارية الغربية؟

أعتقد أنه يمثل تحديًا ناشئًا ومتصاعدًا. على سبيل المثال، أوردت في كتابي حالة تُعدّ دليلًا واضحًا على تراجع هيمنة الإعلام السائد: قبل بضعة أسابيع فقط، أظهر استطلاع للرأي أن نصف الكنديين باتوا يعتقدون أن ما يحدث في غزة هو إبادة جماعية. أظن أن هذه نتيجة للتحديات التي يقدمها الإعلام المستقل، ولكن الأهم من ذلك، ثمرة لعمل حركة تحرير فلسطين في كندا التي نجحت في مواجهة دعاية الإعلام المهيمن.

ما نشهده في ما يخص الإعلام المستقل هو تحدٍّ مهم جدًا لهيمنة الإعلام النخبوي، لكنه لا يزال بحاجة إلى النمو والتوسّع بشكل كبير. على سبيل المثال، مؤسسة إعلامية مثل The Breach  لا تملك سوى جزء ضئيل جدًا من الموارد مقارنة بصحيفة مثل The Globe and Mail  بل إن راتب ناشر واحد فقط في The Globe and Mail، حسب اعتقادي، يعادل ضعف ميزانيتنا السنوية في The Breach  وهذا مجرد ناشر واحد فقط!

أعتقد أننا بحاجة إلى موارد ضخمة للوصول بانتظام إلى مئات الآلاف، بل الملايين من الناس. ولسنا هناك بعد، لكننا ننمو باستمرار. وفي هذا السياق، أعتقد أن ما شهدناه هو أن الإعلام المستقل يستطيع، في كثير من الأحيان، أن يؤثر في تغطية الإعلام السائد ويدفعها في اتجاهات جديدة. على سبيل المثال، سمعت من صحافيين أعرفهم في صحيفة Toronto Star، أننا عندما نكشف نحن في The Breach  عن قصة قبلهم، يمنحهم ذلك مساحة وفرصة للضغط من أجل نشر تقارير أكثر نقدًا. لكن هذه النوافذ سرعان ما تُغلَق، لأنها لا تُغيّر أولويات الإعلام المؤسسي، فهذه الأولويات تظل ثابتة كما تعلم.

لكنني أعتقد أنه، في حياتي المهنية كصحافي مستقل، لم أشهد يومًا هذا العدد الكبير من الناس الذين باتوا يشككون في تغطية الإعلام السائد وينتقدونها كما يحدث الآن، وأرى أن هذا أمر مبشّر للغاية. في الحقيقة، هذا الكتاب وكل عملنا يمثل محاولة لتعميق هذا الشك تجاه وسائل إلإعلام النخبوية في هذا البلد، ولتشجيع الناس على أن يصبحوا أكثر وعيًا فكريًا وفهمًا بالبنية الهيكلية للمشاكل في الإعلام المؤسسي، ليس فقط فيما يتعلق بفلسطين، بل في قضايا أخرى عديدة، سواء الاستعمار هنا أو الاستعمار والإمبريالية في أماكن أخرى من العالم.

أعتقد أننا نشهد بداية تحدٍ حقيقي من قبل الإعلام المستقل، لكن الطريق لا يزال طويلًا أمامنا.

هل ترى مؤشرًا على أزمة أعمق في ثقافة الإعلام الغربي - أزمة تُقوّض مصداقية الصحافة وتعكس نوع السيطرة الفكرية الذي وصفه عالم الاجتماع الفرنسي جاك إيلول، الذي حذّر من القوة الخفية لما أسماه "المتلاعبون بالعقول"؟

ليست أزمة جديدة. بالنسبة لي، إنها أزمة مستمرة ومتجذّرة، وأعتقد أنها أزمة بنيوية وملازمة للإعلام الغربي المملوك للشركات، تعود جذورها إلى بداياته في أوائل القرن العشرين. ما هو جديد، في رأيي، هو مستوى الوعي بالتشويهات والأكاذيب التي يروّجها هذا الإعلام. أعتقد أن العقود الأخيرة شهدت تصاعد أزمة ثقة في الإعلام المؤسسي، لكنني لا أظن أن هذا التطوّر جديد تمامًا، ويجب أن نكون حذرين في التعامل معه، لأن وصفه بالجديد قد يوحي بأن هذه المؤسسات أصبحت أضعف مما هي عليه في الواقع، وهذا غير دقيق في رأيي.

علينا أن نتحلى بالحذر. أسمع الكثير من التصريحات المتسرعة حول "موت" الإعلام المؤسسي أو نهايته. صحيح أن الأساس الإعلاني الذي تعتمد عليه هذه المؤسسات أصبح في أزمة، بسبب تحوّل الإعلانات إلى منصات التواصل الرقمي مثل فيسبوك وغوغل. ولكن طالما أن هناك مليارديرات وشركات مدمجة تريد أن يكون لها أدوات لنشر أولوياتها، من أجل "صناعة القبول" الجماعي، فإن هذه المؤسسات الإعلامية ستستمر في الوجود وفي ممارسة السلطة.

ما شهدناه خلال العامين الماضيين في غزة هو شرخ في شرعيتهم. ومهمتنا تسليط الضوء على هذا الشرخ ونعظّمه قدر الإمكان، وأن نستمر في تشجيع هذه المؤشرات الإيجابية: بناء المزيد من وسائل الإعلام المستقلة، وبناء حركات نقدية تدرك جيدًا مَن هو خصمها الحقيقي في الإعلام النخبوي، سواء في هذا البلد أو في الغرب عمومًا.

 

(مارتن لوكاس خلال مشاركته في مؤتمر تضامن مع غزة في مونتريال)

شاركتَ مؤخرًا في مؤتمر تضامن مع غزة إلى جانب الناشط مانويل تابيال. ما مدى أهمية هذه الفعاليات برأيك لإيصال الصوت من غزة، وكذلك من الضفة الغربية حيث تستمر العنصرية الممنهجة والقتل اليومي في ظل صمت إعلامي مقلق؟ هل تعتقد أن هذا النوع من التضامن يمكن أن يكسر الصمت أو اللامبالاة؟

 أعتقد أنه الشيء الوحيد الذي يُحدث فرقًا. لا أعتقد أن الصحفيين هم من يُغيرون العالم، بل النشطاء والحركات. وأعتقد أن هذا كان الحال دائمًا بالنسبة للفلسطينيين، كما هو الحال مع أي دولة مُستعمَرة أخرى: إن بناء روابط التضامن حول العالم هو أفضل أمل للتحرر. غالبًا ما تبدأ هذه الحركات صغيرة. أعني، لقد بدأت قبل عشرين عامًا، وحتى في ذلك الوقت، كانت حركة التضامن الفلسطينية أصغر نسبيًا. وعلى وجه الخصوص، كانت المعارضة اليهودية لما تفعله إسرائيل ضئيلة للغاية. أعتقد أنه في السنوات القليلة الماضية، بدأ هذا الأمر بالتحول. الحركة الفلسطينية أقوى وأوسع نطاقًا بكثير - تصل إلى عدد أكبر من الناس، وتُقنع المزيد منهم - كما نمت المعارضة اليهودية. ليس بالسرعة الكافية، لكنها تنمو بسرعة. وأعتقد أن هذا يُبشر بالخير لمستقبل النضال من أجل التحرير الفلسطيني.

كونك من أصول يهودية. هل تعتقد أن على الصهيونية أن تتوقف عن ارتكاب الفظائع باسم اليهود، خصوصًا في ظل تزايد استخدام تهمة معاداة السامية لإسكات النقد المشروع لإسرائيل؟

ما أود قوله هو أن تهمة معاداة السامية التي يطلقها المدافعون عن إسرائيل لم تزد بالضرورة مؤخرًا؛ بل كانت سلاحًا مُستخدمًا بوعي منذ ستينيات وسبعينيات القرن الماضي من قبل المدافعين عن سياسات الدولة. ما تغيّر في السنوات الأخيرة هو أن هذه التهمة أصبحت أكثر وقاحة، وأكثر هستيرية من أي وقت مضى. وأعتقد أن ذلك أمر مؤسف للغاية، لأنه محاولة لإسكات التعبير المشروع عن التضامن مع الفلسطينيين. وهو أمر مؤسف أيضًا لأنه يفرّغ معاداة السامية الحقيقية من معناها ويُحقّرها.

العديد من جماعات الضغط اليمينية الموالية لإسرائيل، والجماعات اليهودية اليمينية المنظمة، أساءت استخدام هذه التهمة إلى درجة أنها جعلت من معاداة السامية شيئًا مبتذلًا، رغم كونها قوة متصاعدة ضمن التيارات اليمينية المتطرفة. ومن خلال إطلاق هذه التهمة على الانتقادات المشروعة لإسرائيل، فإنهم في الواقع يساهمون في تنامي معاداة السامية الحقيقية.

وأعتقد، على نطاق واسع، أننا نشهد حاليًا مراجعة عميقة وجريئة لأيديولوجيا الصهيونية السياسية، أعمق من أي مراجعة شهدتها في حياتي. إنها مراجعة تأخرت كثيرًا، لكنها موضع ترحيب. فهم الصهيونية من وجهة نظر ضحاياها، أي الفلسطينيين، هو أمر أخلاقي بالغ الإلحاح.

وبالنسبة لي شخصيًا، فأنا أدرك أن هناك تقاليد مختلفة داخل الصهيونية. بعض هذه التقاليد كانت تؤمن بأن الفلسطينيين واليهود يجب أن يتعايشوا ضمن دولة ثنائية القومية على أرض فلسطين. لكن هذا التيار لم يكن يومًا هو السائد في الصهيونية. فالصهيونية اليوم، بالنسبة لغالبية الناس، تمثلها التيارات الفاشية اليمينية المتطرفة التي تحظى الآن بنفوذ حاسم داخل الحكومة الإسرائيلية.

هل تقصد أن المشكلة تكمن في القادة المتطرفين الذين يقودون إسرائيل اليوم، وليست في الصهيونية نفسها؟

لا، لا أعتقد أن المشكلة محصورة في المتطرفين اليمينيين فقط. إنّ السعي إلى تجريد الفلسطينيين من أرضهم، بل وإجبارهم في نهاية المطاف على مغادرتها، هو أمر متجذر في الحمض النووي للصهيونية السائدة. من صهيونية حزب العمل إلى الصهيونية التنقيحية اليمينية المتطرفة.

هناك أيضًا تيارات صهيونية يسارية مناهضة للاستعمار -لا أتفق معها بالضرورة، لكنني أعتقد أنها تستحق الفهم- مثل التيارات التي كانت ممثلة في حركات مثل "هشومير هاتسعير"، والتي كانت تمثل توجّهًا اشتراكيًا صهيونيًا أكثر حضورًا في أربعينيات القرن الماضي. ولكن اليوم، لن يفهمها الكثيرون كجزء من الصهيونية، بل قد يصنفها البعض كتيار مناهض للصهيونية.

ومع ذلك، أعتقد أنها تيارات تستحق الفهم ضمن تنوع الأشكال التي اتخذتها الصهيونية عبر الزمن. أما الصهيونية السائدة، فأعتقد أنها كانت دائمًا ملتزمة ليس فقط بتجريد الفلسطينيين من أراضيهم، بل أيضًا بانتظار اللحظة المناسبة لاستكمال مشروع النكبة السياسي، وطرد الفلسطينيين نهائيًا من أرضهم. وأعتقد أن هذا المشروع السياسي هو ما نشهده الآن في غزة.

(مارتن لوكاس خلال فعالية إطلاق كتاب "عندما لم تكن الإبادة الجماعية خبرًا" في مونتريال)

في تقرير مصوّر على موقع The Breach، كشفت أن شركات كندية تزوّد مقاتلة "إف-35" بمكوّنات أساسية، ما دفع شركة "لوكهيد مارتن" إلى إزالة جميع المعلومات المتبقية عن المورّدين الكنديين من موقعها -الأمر الذي قلّص صفحة كندا على الموقع بنسبة 80%. هل يمكنك أن تشرح لنا خلفية هذا الكشف، وكيف تفسّر رد فعل "لوكهيد"، وهل ترى فيه محاولة لإخفاء دور كندا في سلسلة التوريد العسكرية المرتبطة بالحرب الإسرائيلية على غزة؟

الطبقة الرأسمالية الكندية لها طرق متعددة لدعم الأفعال الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وإحدى هذه الطرق تتمثل في شحنات الأسلحة الكبيرة.

قطاع الأسلحة الكندي مندمج بشدة مع نظيره الأميركي. فالكثير من صادرات كندا العسكرية غير مرئية للعيان، خصوصًا من خلال برامج تصدير مثل برنامج مقاتلة "إف-35". فالشركات الكندية، بدعم كبير من الحكومة الكندية، تزوّد المشروع بمكوّنات حيوية لبناء الطائرة، والتي تُصنع في الولايات المتحدة، ثم تُشحن إلى إسرائيل حيث تُستخدم في قصف غزة.

أعتقد أن هناك أكثر من 100 شركة تزوّد مشروع "إف-35" بمكوّنات مختلفة، وقد اكتشفنا أن إحدى هذه الشركات كانت المورّد الوحيد لمكوّنات بعينها. وهذا يعني أن المشروع يستورد مكوّنات من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك أوروبا، ولكن في هذه الحالة، لا توجد شركة سوى الكندية هي التي تزوّد هذا الجزء. نظريًا، إذا تمكّن النشطاء من عرقلة هذه الصادرات، فسيؤدي ذلك إلى شلّ بناء الطائرة مؤقتًا على الأقل.

قرار "لوكهيد مارتن" بحذف هذه المعلومات من موقعها هو رد فعل كاشف جدًا، في رأيي. كان بمثابة اعتراف غير مباشر بمدى إدراكهم للهشاشة الأخلاقية في هذه التجارة الحربية. إنهم يدركون تمامًا أن استمرار هذا النظام يعتمد على جهل الناس بوجوده.

وأعتقد أن معظم الكنديين، إذا علموا بتواطؤ بلادهم في بناء طائرات حربية قاتلة كهذه، فسيشعرون بالغضب الشديد. لذلك، عمدوا إلى إخفاء هذه المعلومات. وقد كان من المدهش حقًا أن نرى النشطاء ينظّمون حملات سياسية تستهدف مصادر هذا "آلة الموت"، ويسلطون الضوء على كيفية تمكّن الكنديين من وضع حدّ لتواطئهم.

لقد وجهت انتقادات لاذعة لتواطؤ كندا في الحرب الإسرائيلية على إيران، معتبرًا أن دعم الحكومة الكندية يعادل تأييدًا لحرب عدوانية. كيف تفسّر هذا التواطؤ باعتباره موقفًا سياسيًا فاعلًا؟ وماذا يكشف ذلك عن هوية السياسة الخارجية الكندية، خصوصًا في ما يتعلق بصورتها الذاتية كمدافعة عن السلام والدبلوماسية والقانون الدولي؟

أعتقد أن أفعال كندا، عندما تُفحَص عن كثب، تُسقط تلك الصورة المصطنعة بعناية التي تقدمها عن نفسها كقوة للسلام في الخارج. وفي هذه الحالة، تجاوزت كندا حدود الصمت.

مارك كارني، رئيس الوزراء الجديد، صرّح علنًا، في اليوم الذي بدأت فيه إسرائيل، بدعم من الولايات المتحدة، قصفها لإيران، بالادّعاء السخيف أنه كان عملاً دفاعيًا، رغم أن مسؤولين أميركيين أنفسهم أوضحوا أن إيران كانت فقط على وشك تطوير برنامج نووي. وحتى لو كانت تملكه، فذلك لا يبرّر بأي حال انتهاكًا عدوانيًا لسيادتها.

إسرائيل، بالطبع، تمتلك ترسانة نووية معروفة -وهو سرّ معلن- لكن هذا لا يدفع برؤساء وزراء كندا للقول إن أي استهداف إيراني لإسرائيل سيكون دفاعًا عن النفس. إسرائيل هي المعتدية الرئيسية في هذا السياق. ولهذا، أعتقد أن كندا، في عهد كارني والحكومات السابقة، لطالما وضعت نفسها كشريك صغير في الإمبراطورية الأميركية، سواء في إيران، أو إسرائيل، أو ليبيا، أو هاييتي، أو غيرها من بقاع العالم. كثيرًا ما لعبت دورًا في دعم وتسهيل مصالح الحكومة الأميركية.

بالنسبة لي، هذا مثال واضح على ذلك. وأشكر الله أن هناك نوعًا من التهدئة النسبيّة، وأن الحرب الإسرائيلية على إيران انتهت واستمرت فقط اثني عشر يومًا. لكنني أعتقد أنه لو دفعت الحكومة الأميركية نحو تصعيد أكبر، لانضمت الحكومة الكندية إلى الغزو العسكري بشكل كامل، ما لم تكن هناك تعبئة جماهيرية واسعة من الكنديين لمنع هذا التورط.

نشرت مؤخرًا كتابًا بعنوان "مشروع بوالييفر: مخطط جذري لحكم الشركات". ما الذي يمكنك أن تخبرنا به عن هذا الكتاب؟

الكتاب كان محاولة، مدفوعة بنفس الدافع الذي وُلد من عجز وسائل الإعلام الرسمية وعدم رغبتها في مساعدة الكنديين على فهم التهديد الذي يشكله بيير بوالييفر على كندا. أعتقد أنه شخص أكثر تطرفًا بكثير مما يدركه الناس. إنه سياسي نشأ على أفكار ميلتون فريدمان المتطرفة في النيوليبرالية، وهو شخص كان يرى أن ستيفن هاربر معتدل أكثر من اللازم.

وأعتقد أنه كان سيشنّ هجومًا وحشيًا مؤيدًا للشركات على الكثير من البرامج الاجتماعية والقيم الشاملة التي يعتز بها الكنديون. إنه سياسي استغل حالة عدم الأمان والغضب التي يشعر بها كثير من الكنديين تجاه إخفاقات الحكومات الليبرالية.

لا أعتقد أننا رأينا الفصل الأخير منه بأي حال. الكثيرون يعلنون نهايته السياسية بشكل مبكر. ولكن إذا استمرت الحكومات الليبرالية في تجاهل قضايا عدم المساواة وتدهور الخدمات العامة في هذا البلد، فإن سياسيًا مثل بوالييفر سيعود مجددًا وسيكون في موقع قوي جدًا لتوجيه هذا السخط والغضب في اتجاهه. وهذا هو المسار الذي أراه يتجلى حاليًا في ظل حكومة كارني.

برأيك، ما الذي يكشفه صعود بوالييفر في الانتخابات الأخيرة؟ هل نحن بصدد تحوّل أعمق في الثقافة السياسية، حيث تصبح الخطابات الشعبوية أداة لتعزيز النفوذ النيوليبرالي؟

لا أعتقد في الواقع أن الشعب الكندي قد تحوّل نحو اليمين. ما أراه هو أن بوالييفر نجح في تعميق وتوسيع ائتلاف الناخبين المحافظين. لقد حصلوا على عدد من الأصوات أكثر من أي حزب محافظ آخر منذ أن كان براين مولروني رئيسًا للوزراء في ثمانينيات القرن الماضي. تمكنوا من اختراق مجتمعات المهاجرين، والناخبين الشباب، وحتى بعض أنصار الحزب الديمقراطي الجديد (NDP)  والتقدميين.

أعتقد أن الطريقة التي فعلوا بها ذلك كانت عبر تقديم بوالييفر كمدافع عن الطبقة العاملة. استغل حقيقة أن الحزب الديمقراطي الجديد قد تخلّى إلى حد كبير عن سياسة تقدمية جريئة تركز على العمال. لذا، فإن نجاح بولييفر النسبي كان له علاقة أكبر بأزمة التمثيل السياسي على اليسار في هذا البلد، أكثر من كونه نتيجة تحوّل شعبي عام نحو اليمين.

إذا تمكن الحزب الديمقراطي الجديد -الذي هو حاليًا في خضم أو على وشك الدخول في سباق قيادة- من خوض عملية نهوض حقيقية، وتقديم سياسة تعبّر عن الظروف المادية للناس، وتُلهمهم برؤية تستحق النضال من أجلها، فأنا أؤمن أن هذا الحزب سيكون قادرًا على تقويض جاذبية بوالييفر. سيكون قادرًا على استبدال شعبويته الزائفة بشعبوية يسارية تقدمية تقاطعية حقيقية، وهي برأيي، الوصفة الأفضل ليس فقط لهزيمة اليمين، بل لتحقيق النجاح الانتخابي في هذا البلد.

في كتابك "صيغة ترودو: الإغواء والخيانة في عصر السخط"، تكشف عن تسليح حرب السعودية الدموية في اليمن، وصناعة مصالحة تُخفي السرقة المستمرة لأراضي السكان الأصليين وبيع البنية التحتية العامة لمُستغلين من القطاع الخاص. ألا تعتقد أن هذه الصيغة ليست من ابتكار ترودو، بل هي مجرد استراتيجية خفية لليبراليين؟

 أعتقد أنها استراتيجية راسخة للحزب الليبرالي في كندا. لطالما تميّز الليبراليون بمهارة عالية في خوض الحملات الانتخابية على اليسار ثم الحكم من اليمين، مدركين كيفية جذب التطلعات التقدمية للشعب الكندي والتظاهر بالولاء لها، وفي نهاية المطاف خدمة دائرتهم الانتخابية الحقيقية: نخبة الشركات.

كان والد جاستن ترودو بارعًا جدًا في ذلك. المثير للاهتمام الآن هو أنه مع مارك كارني، لدينا تيار داخل الحزب الليبرالي أقل ميلًا إلى تبني هذا التوجه التقدمي. لقد أعاد كارني الحزب الليبرالي فعليًا إلى نسخته التي كانت سائدة في منتصف التسعينيات، والتي كان حزب الإصلاح يدفعها نحو اليمين في تلك الحقبة، تمامًا كما يدفعها الآن بواليفر.

وهذا نوع من الحزب الليبرالي يتخلى عن الكثير من تلك المظاهر التقدمية الرمزية، ويحكم سياساته من اليمين. أعتقد أن مهمتنا في اليسار وفي الحركات التقدمية المناهضة للاستعمار أقل صعوبة، لأننا لسنا مضطرين لنزع ذلك المظهر الزائف الذي يرسمه الليبراليون لأنفسهم. سيكون لدينا فهم أوضح بكثير لهويتهم ولمن يخدمون.

ما نواجهه حقًا في هذا البلد الآن هو تحالف ليبرالي-محافظ يستعير من أساليب بعضهما البعض. لكنني أعتقد أن هذا يفتح لنا أيضًا مجالًا سياسيًا لبلورة بدائل تقدمية قادرة على بناء دعم شعبي.

في إحدى منشوراتك، كتبتَ: "لمواجهة ترامب، علينا أن نسحق حقوق السكان الأصليين، ونمكّن شركات الاستخراج التي لا يملك الكنديون سيطرة عليها، وننشر كذبة "البيتومين منزوع الكربون". كان هذا نقدًا لاذعًا لمارك كارني. هل تعتقد أن شخصيات مثل كارني تستخدم لغة المسؤولية المناخية لتبرير سياسات معينة؟ وماذا يكشف هذا عن التحالف الأوسع بين التكنوقراطية الليبرالية، وسلطة الشركات، والاستعمار الاستيطاني في كندا؟

ما يثير الاهتمام في حكومة كارني هو أنها منخرطة أساسًا في نوع من "عقيدة الصدمة" حاليًا. لقد صُدم الكثير من الكنديين بالقلق وعدم اليقين بسبب هجمات دونالد ترامب على الرسوم الجمركية على هذا البلد. استغل كارني وحزبه الليبرالي حالة الارتباك هذه للدفع بأجندة يمينية مؤيدة للشركات، والتي، في ظروف أكثر طبيعية، كان الناس ليدركوها ويقاوموها بوضوح أكبر.

وُصف كارني نفسه بأنه منقذ المناخ في عمله قبل قيادته للحزب الليبرالي. لكنني أعتقد أنه تخلص من تلك الصورة بسرعة كبيرة، لأنه يعتقد أنه يستطيع الإفلات من العقاب في وقت لا يزال فيه الناس مشوشين بشأن ترامب.

صحيح أنه عندما ننتج صحافة نقدية عن كارني، يختلق الناس له أعذارًا لا حصر لها. هناك دائمًا عذر يتعلق بترامب جاهز. وهكذا، رأينا كارني يتبنى اللغة والحجج الكاملة لصناعة الوقود الأحفوري؛ فـ"النفط منزوع الكربون" فكرة غير منطقية على الإطلاق. لا يمكنك حرفيًا إزالة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من حرق النفط. لا يوجد شيء اسمه نفط منزوع الكربون. إنها حجج سخيفة تمامًا.

يعتقد كارني أنه إذا نفذ أجندته في هذه اللحظة - حيث يكون التدقيق منخفضًا لأن الناس لا يزالون خائفين من ترامب - فسيكون قادرًا على الإفلات من العقاب.

أعتقد أنه مخطئ. قد يستغرق الأمر بعض الوقت حتى يتلاشى إنكار كارني، ولكن عندما يحدث ذلك، سيدرك الناس أننا أمام تكنوقراطي موالٍ للشركات، يسعى بلا كلل لخدمة جمهوره الرئيسي من المصرفيين، وصانعي الأسلحة، والنخبة المالية والشركاتية - بارونات النفط. عندها، سيحاول الناس استنباط رد فعل. مهمتنا نحن اليساريين هي تشجيع الوضوح والرؤية الثاقبة بأسرع ما يمكن، حتى نتمكن من إعداد رد فعل في أسرع وقت ممكن.