د. علي ضاهر

لا اظن ان بلدا على الكرة الأرضية تلقى مساعدات ومُنِحَ إعانات كأوكرانيا. فقد بلغت أرقاما قياسية. أكثر بلدان العالم ساهمت. بعضها يمكن توقع منها ذلك لارتباطها بأوكرانيا بأواصر عرى معينة. لكن بعضها الآخر لا يمكن توقع مساندتها لأوكرانيا لعدم وجود أي رابط بينهما. فهل كان من الممكن التصور ان باكستان وأذربيجان وتركيا وإندونيسيا قد تمد يد المساعدة لزيلنسكي! فما هي الروابط التي قد تجمع بين هذه البلاد وأوكرانيا!   

"مش مهم". فلتذهب هذه الدول التي ذكرتها الى الشيطان والى جميع الشياطين هي ونفوس حكامها الدنيئة وأفكارهم الملتوية، حسب تعبير دوستويفسكي الذي حرفته ليتلاءم مع المقال. فهي أولا وأخيرا دول او خانعة او خائفة او تابعة. لكن المهم هنا فهو مواقف بعض الدول العربية التي تُْنْشد "بلادُ العُربِ أوطاني من الشام لبغداد"، فهي تتبارى لتقديم التبرعات الى أوكرانيا على الرغم من انها، وهي القادرة ومنذ طوفان الأقصى تخاف او لم تقدر او بالأصح لا ترغب ولا تريد تقديم مساعدات الى غزة وذلك بالرغم من كثرة الروابط التي تجمع بينها وبينهم.

هذه عينة من مساعدات قدمتها بعض دول عربية الى اوكرانيا:

- السعودية: قدمت 10 ملايين دولار أمريكي من المساعدات الطبية والمأوى للاجئين الأوكرانيين في أبريل 2022 و400 مليون دولار أمريكي من المساعدات الإنسانية في أكتوبر من نفس السنة، كما وتم التعهد بتقديم 100 مليون دولار أمريكي من المساعدات الإنسانية و300 مليون دولار أمريكي من المنتجات البترولية في 26 فبراير 2023  وتم التبرع بـ 168 طنًا من المساعدات الإنسانية في فبراير2023 من ضمنها مولّدات كهربائية وإمدادات طبية وتمويل بقيمة 10 ملايين دولار لبرنامج الغذاء العالمي لأوكرانيا، كما وأعلن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية عن تسليم 25 سيارة إسعاف لوزارة الصحة الأوكرانية في سبتمبر 2024.

- الإمارات العربية: قدمت ناقلات جند مدرعة من طراز Titan-s ومركبات بانثيرا T-6 المدرّعة (المنتجة في الإمارات العربية المتحدة)؛ خصّصت 105 ملايين دولار لدعم الجهود الإنسانية؛ أرسلت 14 طائرة محملة بالمساعدات الإنسانية، وسفينتين عبر رومانيا محمّلتين بالمساعدات الطبية والغذائية و1015 طنًا و50 سيارة إسعاف مجهزة بالكامل و7500 جهاز كمبيوتر محمول و10 آلاف حقيبة مدرسية، بالإضافة إلى 4520 مولداً كهربائياً. كما وأعلنت أيضًا عن تقديم مساعدات للاجئين الأوكرانيين في مولدوفا وبولندا وبلغاريا، و50 طنًا من المساعدات الطبية و100 مليون دولار مساعدات إنسانية منها بطانيات ومصابيح كهربائية ولوازم العناية الشخصية و550 طنًا من مواد الإغاثة، و2520 مولدًا كهربائيًا و56 سيارة إسعاف مجهّزة بخزّانات أوكسجين وأجهزة مراقبة القلب وأجهزة إزالة الرجفان وأجهزة تخطيط القلب وأجهزة التنفس الصناعي وتمويل بقيمة 4.5 مليون دولار لرعاية الأيتام من خلال مؤسسة أولينا زيلينسكا و7500 جهاز كمبيوتر محمول و10000 حقيبة مدرسية لقطاع التعليم الأوكراني.

- قطر: تبرعت ب 100 مليون دولار من المساعدات لدعم جهود الصحة والتعليم وإزالة الألغام في أوكرانيا و3 ملايين دولار لمكتب مفوض البرلمان الأوكراني لحقوق الإنسان و5 ملايين دولار كمساعدات إنسانية لدعم اللاجئين الأوكرانيين والنازحين داخليًا.

- المغرب: نقل إلى أوكرانيا عددا غير معروف من دبابات T-72B التي كان يجري تحديثها في جمهورية التشيك.

- الأردن: بين شهري مايو ونوفمبر من عام 2022 فقط، أقلعت عدة طائرات من الأردن إلى جمهورية التشيك محمّلة بالأسلحة الموجّهة إلى أوكرانيا، منها راجمات صواريخ RPG-32 "نشّاب" وهو سلاح مضاد للدبابات محمول على الكتف، وصواريخ لنظام الدفاع الجوي 9K33M2 Osa-AKM.

البحرين والكويت: أعلنتا عن تقديم مساعدات إغاثية للاجئين المدنيين من أوكرانيا.

حتى السودان لم يهن عليه الامر. ففي الفترة من مارس إلى يونيو 2022، حلّقت عدّة طائرات عسكرية من السودان إلى مطار رزيسزو في جنوب شرق بولندا، حاملة قذائف مدفعية متجهة إلى أوكرانيا. من بينها قذائف هاون عيار 120 ملم.

عفوا لقد ظلمت الدول العربية. انا آسف على ذلك، فهي لم تكتف بتقديم مساعدات الى أوكرانيا بل مدّت يد العون الى غزة ايضا. فقد تنامى الى مسامعي انه يوم الاثنين في التاسع عشر من شهر أيار2025، دخلت الى غزة شاحنات تبرّعت بها دول عربية، عبر الأمم المتحدة وبرضى ومباركة اسرائيل طبعا. الشاحنات كانت محمّلة بأكياس بيضاء كتب عليها جملة "أكفان" باللون الأزرق! وللتوضيح ولدقة المُنْتَج والتزام تلك الدول العربية بمعايير منظمة التجارة العالمية فقد كانت الأكفان معلّبة في أكياس ممهورة بعلامات وملصقات تحدّد محتوياتها وتوفر معلومات عنها. فبالإضافة الى اسم المُنْتَج وتاريخ الإنتاج وانتهاء الصلاحية وطريقة الاستخدام ومعلومات الشركة المصنعة، فقد كان هناك كتابة على أكياس تلك الأكفان توضح وتفرق بين الأكفان النسائية والأكفان الرجالية وأكفان الأطفال والرضّع. فكثر الله خيرهم وزادهم وعسى ان يكرمهم بمثل ما فعلوا، انه السميع العليم المجيب!

أرجو ان تكون هذه الخبرية غير صحيحة. لكنني لا أستبعدها. فحكام تلك الدول قادرون على إدهاش العالم بأعاجيبهم! ألا تكفي أعجوبة "عدم قيامهم بأي عمل حقيقي لنصرة غزة"! فهم واقفين صم بكم ولم يفعلوا شيئا حقيقيا منذ سنتين تقريبا لإيقاف إبادة بحق اخوان تجمعهم بهم روابط لا تحصى ولا تعد!