Sadaonline

استمرار تدفق الأسلحة من كندا إلى إسرائيل رغم النفي الرسمي الكندي

بيانات الاستيراد الإسرائيلية وسجلات الشحن المتاحة علناً تبدو متناقضة مع ادعاء الحكومة انها لم تسمح بشحنات أسلحة إلى إسرائيل

تؤكد الحكومة الكندية — مع بعض التحفظات المتغيرة — أنها لم تسمح بشحنات أسلحة إلى إسرائيل منذ يناير 2024، لكن بيانات الاستيراد الإسرائيلية وسجلات الشحن المتاحة علناً تبدو متناقضة مع هذا الادعاء.

وقد اكتشف هذه البيانات فريق من الباحثين التابعين لأربع منظمات غير حكومية وهي : "عالم بلا حروب" (World Beyond War)، حركة الشباب الفلسطيني (Palestinian Youth Movement)، كنديون من أجل العدالة والسلام في الشرق الأوسط (CJPME)، وأصوات يهودية مستقلة (Independent Jewish Voices).

وجد الفريق إدخالات في قاعدة بيانات هيئة الضرائب الإسرائيلية تُظهر استمرار دخول بضائع كندية إلى إسرائيل، تم وصفها من قبل الحكومة الإسرائيلية بأنها أجزاء من أسلحة عسكرية وذخيرة.

وقالت يارا شوفاني من حركة الشباب الفلسطيني خلال مؤتمر صحفي في أوتاوا صباح الثلاثاء:
"هذا التقرير يكشف بوضوح عن مدى الدعم المادي المستمر الذي تقدمه كندا لإسرائيل وسط هذه الإبادة الجماعية"،
وأضافت: "إنه يُظهر، رغم التصريحات الحكومية المضللة، أن تدفق الشحنات العسكرية من كندا إلى إسرائيل لم يتوقف".

كما تمكن النشطاء من جمع وثائق شحن تجارية متاحة علناً، تُظهر، مثل سجلات الضرائب، نقل ذخيرة من كندا إلى إسرائيل، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من المعدات العسكرية من شركات في مختلف أنحاء البلاد.

وبحسب تقرير لقناة سي بي سي فانه بحسب موقع هيئة الضرائب الإسرائيلية في وقت نشر التقرير، فقد أظهرت بيانات استيراد لعام 2025 دخول "رصاص" ومعدات عسكرية كندية أخرى، من النوع الذي تقول أوتاوا إنها لا تسمح بشحنه إلى إسرائيل.

كما تُظهر بيانات الشحن تتبعاً دقيقاً لمعدات عسكرية تم شحنها مؤخراً من أحد أكبر مصنّعي الأسلحة في كندا.


تصاريح بيع الأسلحة:

وذكرت سي بي سي انه "لا تبيع الحكومة الكندية الأسلحة لإسرائيل بشكل مباشر، لكنها تنظم عمليات البيع بين الشركات الكندية والإسرائيلية.

تقوم الشركات بطلب تصاريح تغطي كل عقد على حدة. وغالباً ما تكون التصاريح سارية لمدة 3 إلى 4 سنوات، وتصف السلع والكميات والمستخدم النهائي. وغالباً ما يُدرج كمستخدم نهائي: "شركة إسرائيلية ضمن سلسلة توريد دفاعية".

لكن أسماء الشركات في الطرفين لا تُكشف في التقرير السنوي المُقدّم إلى لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان.

وتغلب على الصادرات الكندية إلى إسرائيل مكونات تُستخدم في أنظمة الأسلحة، وليس أنظمة جاهزة أو مركبات. وتشمل التصاريح السارية حالياً: لوحات دوائر مطبوعة للمركبات البرية، ومعدات تتعلق بأنظمة مراقبة، أو لصيانتها وإصلاحها.

ولا تشمل التصاريح الحالية شحنات أسلحة أو ذخيرة".


التصاريح القديمة لا تزال سارية:

وقالت الحكومة السابقة برئاسة جاستن ترودو إنها ستوقف جميع شحنات المعدات العسكرية إلى إسرائيل، لكنها عادت لتُقصر ذلك فقط على "العتاد القاتل".

أما الآن، فتقول وزارة الشؤون العالمية الكندية (GAC) إن الحظر ينطبق فقط على المواد التي يمكن استخدامها في غزة.

وقالت المتحدثة باسم GAC، شارلوت ماكليود ، بحسب سي بي سي: "كندا لم توافق على أي تصاريح جديدة لبنود يمكن استخدامها في الصراع الجاري في غزة منذ 8 يناير 2024"، وأضافت أن الحكومة أوقفت في الوقت ذاته "حوالي 30 تصريح تصدير" لبنود كان من الممكن أن تُستخدم في النزاع.

مع ذلك، سُمح لبقية التصاريح بالاستمرار، بما في ذلك تصاريح بقيمة مالية كبيرة أُصدرت خلال الأشهر الثلاثة التالية لـ7 أكتوبر 2023 (بداية الحرب بين إسرائيل وحماس).

وهكذا، رغم أن كندا أصدرت تصريحين فقط في عام 2024، إلا أن إسرائيل كانت رابع أكثر الدول استخداماً للتصاريح العسكرية الكندية، حيث تم استخدام 164 تصريحاً خلال ذلك العام.

ويصف رمز HS الإسرائيلي لهذه الواردات ببساطة: "أسلحة وذخيرة؛ رصاص".

وفي يونيو 2025، تم تسجيل دخول 15,000 وحدة من "أجزاء وملحقات أسلحة عسكرية" من كندا — وهو تصنيف يشمل البنادق والمدافع الثقيلة.


لا تفسير من الحكومة

لم تُقدّم الحكومة الكندية بعد تفسيراً للتناقض بين البيانات التي تُظهر استمرار شحنات الأسلحة، وإنكار الحكومة لذلك.

وسألت CBC News وزارة الشؤون العالمية كيف تضمن الحكومة أن المعدات العسكرية المصدّرة لا تُستخدم في غزة، لكنها لم تتلقَ أي رد.

وقالت ماكليود: "بسبب السرية التجارية، لا تُعلّق وزارة الشؤون العالمية على تفاصيل تصاريح التصدير الفردية أو الصفقات التجارية".


بيانات شحن مثيرة للاهتمام:

ولفتت سي بي سي في تقريرها الذي اعده ايفان داير انه "  تتضمن بيانات الشحن ثلاث شحنات من "الخراطيش" نُقلت من مطار دورفال في مونتريال إلى تل أبيب - يافا في سبتمبر 2024، مايو 2025، ويوليو 2025.
سُجلت جميعها كشحنات "مواد خطرة"، وعبرت مطار JFK في نيويورك.

وتم تحميل أحدث شحنة من الرمز البريدي J5Z 2P4 في Repentigny، كيبيك في 17 يوليو، وغادرت من دورفال في اليوم التالي على متن طائرة شحن تابعة لشركة Challenge Airlines IL الإسرائيلية، ووصلت إلى إسرائيل بتاريخ 24 يوليو، حيث تم تسليمها في مدينة بني براك.

ويُعد الرمز البريدي J5Z 2P4 عنواناً لمصنع إنتاج الخراطيش التابع لشركة General Dynamics Ordnance and Tactical Systems في كيبيك.

وفي أغسطس 2024، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) عن شحن 50,000 خرطوشة هاون متفجرة من عيار 120 ملم إلى إسرائيل، وسمّت General Dynamics OTS في كيبيك كمقاول رئيسي.


وزيرة الخارجية السابقة وعدت بمنع الشحنة

عند الضغط عليها بشأن الصفقة، تعهدت وزيرة الخارجية حينها، ميلاني جولي، بمنعها.

وقالت جولي في 10 سبتمبر:
"لن نسمح بإرسال أي نوع من الأسلحة أو أجزائها إلى غزة، نقطة على السطر. لا يهم كيف أو إلى أين يتم إرسالها."
وقد خرجت الشحنة بعد ذلك بأسبوع، حسب البيانات.


دعوة إلى فرض حظر شامل

تُعد General Dynamics واحدة من أكبر شركات الدفاع في كندا.
أحد موظفي الشركة في مقر Repentigny قال لـقناة سي بي سي إن المصنع في عطلة لمدة أسبوعين، ثم أحال المراسل إلى المشرف.
قال المشرف إن الشحنات "غير صحيحة"، وإن الشركة ستتواصل عبر المتحدثة باسمها بيركلي والي. لكن لم يصدر أي رد حتى وقت النشر.

تقول يارا شوفاني إن التقرير يُظهر أنه من دون حظر شامل على شحن السلع العسكرية من وإلى إسرائيل، ستستمر الحكومات في التعتيم، وستواصل الشركات الشحن.

وتضيف:
"نحن نقول إنه في لحظة يُجمع فيها جزء كبير من العالم على وصف ما يحدث في غزة بالإبادة الجماعية، ومع تأكيد المحكمة الجنائية الدولية أن ذلك محتمل، يجب على الحكومة الكندية أن تتجاوز مجرد تجميد التصاريح، وتتجاوز حالة الغموض حول التصاريح الفعالة وغير الفعالة، وتفرض حظراً شاملاً على الأسلحة".