بقلم: وليد حديد ـ بيروت
شياطين المال، أو من يمثلهم من سياسيين في هيئة دول، يأتون بالحروب أولًا، يقتلون الناس، ويجربون أسلحتهم فوق أجساد الجائعين، وينهبون الثروات كما لو كانت غنائم في سوقٍ مفتوحٍ للدم.
ثم يعودون بوجهٍ إنسانيٍّ مصطنع، يرفعون شعار “إعادة الإعمار”، كأنهم يُعيدون بناء ما دمَّروه تكرُّمًا وفضلًا.
لبنان، غزة، سوريا، ليبيا، العراق، السودان …
تتكرر الأسماء كما تتكرر الكارثة، ويُعاد المشهد كأننا عالقون في شريطٍ لا نهاية له.
تتحول المدن المدمَّرة إلى مشاريع، والمآسي إلى فرص، والأنقاض إلى عقودٍ جديدة من الربح والهيمنة.
وفي لبنان…
ما زالت الطائرات تقصف، والدخان يتصاعد من الجنوب،
لكن العجيب أن القرار بوقف النار لا يأتي من ضميرٍ إنسانيٍّ، بل من مفاوضات المال والسياسة.
يتدخّل أصحاب النفوذ كأنهم يصنعون «معروفًا»،
يُسكتون المدافع مقابل تنازلاتٍ تُعمّق هيمنتهم أكثر،
فيصبح وقف القصف صفقة، ويُباع الأمن كسِلعة في سوق المساومة.
من يبيع السلاح اليوم، هو من يبيع الحجر غدًا.
ومن يربح من الدم، يربح من الإسمنت أيضًا.
الحروب مشاريعهم، والإعمار شركتهم الثانية،
وكل دورة دمارٍ تُنجب دورة أرباحٍ جديدة.
أما أرض العرب، فهي السجلّ الذي لا يُمحى،
تحمل على ترابها أسماء الشهداء لا أسماء المستثمرين.
فيها شعبٌ يبني بالحجر ما هدمته الطائرات،
ويزرع في الركام زيتونةً تقول: «هنا كانت الحياة، وستبقى».
⸻
🔹 قصيدة: شياطين المال وأرض العرب
في لبنانَ… ما زالتِ الطائراتُ تعوي
وصوتُها يعلو على أنينِ القرى والبحرِ،
لكنَّ قرارَ الصمتِ لا يأتي من الضميرْ
بل من حسابٍ في بنكٍ بعيدٍ عن الجحيمْ.
شياطينُ المالِ يتقاسمونَ الهواءَ والنارْ،
ويوقفونَ القصفَ كأنهمْ يُحسِنونْ،
ثم يطلبونَ ثمنَ الإحسانِ… وطنًا آخر،
أو ميناءً، أو توقيعًا على خضوعٍ جديدْ.
يا أرضَ العربْ،
ما أكثرَ من باعوكِ باسمِ السلامْ،
وما أقلَّ من بنوكِ بالحجرِ والكرامةِ والدمْ.
لكنَّكِ ستبقينَ يا أرضَ الزيتونْ،
تُعلّمينَ العالمَ أنَّ البناءَ الحقيقيَّ
يبدأُ من جرحٍ… لا من صفقةٍ،
ومن قلبٍ صادقٍ… لا من مؤتمرٍ دوليٍّ باردٍ.
⸻
 
                             
                                         
                                 
                                     
                        
69 مشاهدة
30 أكتوبر, 2025
91 مشاهدة
30 أكتوبر, 2025
76 مشاهدة
29 أكتوبر, 2025