طلال طه – مونتريال
مصطلح فقهي أصولي يرد عادة في باب أهلية المجتهد في التصدي للمرجعية والفتيا، وقد ورد في بعض مصادرنا: ممَّا يُعتبر في مرجع التقليد هو أنْ لا يقلَّ ضبطُه عن المتعارف، والمقصود من هذا الشرط هو أنْ لا يكون كثير النسيان أو كثير الغفلة والسهو بحيث يكونُ ذلك معبِّراً عن طروء خللٍ في مداركه العقليَّة.
و حتى لا يبقى هذا المصطلح أسير الكتب الفقهية والأصولية، فقد أخرجه الإمام الخميني (قدس سره) الى العلن، من الفقه الى السياسة، عبر تضمينه لأحد مواد دستور الجمهورية الأسلامية في ايران، وهي المادة 111 التي تتحدث عن عجز القائد في أداء وظائفه القانونية أو فقده أحد الشروط المذكورة في المادة 105 و 109، أو علم فقدانه لبعضها منذ البدء، فإنه يعزل من منصبه، ويعود تشخيص هذا الأمر إلى مجلس الخبراء المذكور في المادة 108.
وجاءت المادة بلغة مهذبة على الشكل التالي: متى ما عجز القائد - أثر مرضه أو أية حادثة أخرى - عن القيام بواجبات القيادة مؤقتا يقوم المجلس المذكور - خلال مدة العجز - بأداء مسؤوليات القائد الى حين انتخاب قائد جديد.
في نفس السياق، فإن ما يحدث في أمريكا، في المواجهة الحاصلة بين ترامب وقوى سياسية وحزبية ونخب علمية وثقافية وفكرية وفنية وطلابية، ومؤسسات اقتصادية وتجارية ومالية وزراعية عدا عن صراعاته المفتعلة ضد الملونين والمهاجرين والكتل الإثنية المختلفة، كل ذلك يدعو لاستصحاب هذا المصطلح البالغ الأهمية والحساسية في حياة الشعوب والأمم والديموقراطيات الى واجهة الأحداث السياسية من خلال الدعوات المتصاعدة لعزل ترامب بموجب التعديل الخامس والعشرين من الدستور الأمريكي.
إذ خرج الإعلامي الأميركي لورانس أودونيل، المذيع في شبكة MSNBC، ليؤكد أن النقاش حول عزل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بدأ للتو، لكنه سيتحول قريبًا إلى قضية عامة وضاغطة على الساحة السياسية. وقال أودونيل إن الولايات المتحدة مقبلة على أزمة داخلية كبيرة قد تنفجر في أي لحظة، مشيرًا إلى أن ترامب تجاوز مرحلة “المشاكل النفسية” ليُظهر الآن علامات الجنون الصريح!
وأضاف أودونيل: “إذا كنتَ عضوًا في الكونغرس ولم تُطالب بعزل ترامب بموجب التعديل الخامس والعشرين، فأنتَ لا تُؤدي واجبك”، في إشارة إلى المادة الدستورية التي تتيح إقصاء الرئيس عن منصبه في حال ثبوت عدم أهليته لممارسة مهامه.
أما نوّاف سلام.. أهلا، أهلا، أهلا!
فباعتقاد البعض أنه أساسا لم يكن يملك الأهلية للتصدي لهذه المهمة الصعبة والمعقدة في ظروف تاريخية حساسة وخطيرة من تاريخ لبنان والمنطقة والعالم!
فهذا البعض لا يشغل نفسه بمحاولة الطلب لعرض الرجل على لجنة صحية طبية ونفسية للتأكد من أهليته وقدرته على ممارسة ومتابعة مهامه في مقام رئيس مجلس الوزراء!
وهذا ما كان طالب به الصحافي المحترم حسن عليق بضرورة عرض الرجل على لجان متخصصة للتأكد من سويته الفكرية والنفسية والذهنية، وأنه حقيقة: لا يقل ضبطه عن المتعارف!
ومن باب الأمثال تضرب ولا تقاس، فإن تمام سلام أطل من القصر الجمهوري ببيانه الوزاري، وكان رد فعلي الأولي مطابقة ما ورد عن القائد الأممي الكبير فيديل كاسترو حين رأى جورج بوش الأبن يطلق خطابه الأول بعد انتخابه عام 2000، فقال: يا الهي أتمنى أن لا يكون هذا الرجل على هذا القدر من الغباء الذي يبدو عليه، لا أدري إن كان بامكانه أن يفعل شيئين في وقت واحد: يمضغ العلكة ويلعب كرة السلة!
.. ثم اكتشفت لاحقا أن هذا لم يكن انطباعي وحدي، بل كان انطباع الكثيرين من أهل الدراية والكياسة والفراسة والسياسة!
وحتى لا نظلم الرجل، وننطلق في العموميات، لا بأس بإيراد الحقائق والملفات التي من المفترض أن يتصدى لها مجلس الوزراء ويعالجها.. أو على الأقل يسعى لمعالجتها، ممثلا بشخص رئيسه وعبر بيانه الوزاري:
- دولة لا تزال في حالة حرب مع عدو لم يحترم مبدأ الاتفاق على 1701!
- مئات آلاف المهجرين من قرى الشريط الحدودي!
- آلاف الوحدات السكنية المدمرة عدا المؤسسات العامة من مستشفيات ومدارس ومبان حكومية وبنى تحتية من ماء وكهرباء وطرقات وغيرها..
- احتلال آلاف الدونمات من الأراضي اللبنانية!
- استباحة كاملة للأجواء اللبنانية، واصطياد الناس والمؤسسات.. وأخيرا معدات إعادة البناء!
- تفجير المرفأ وآثاره الاقتصادية والمالية والإجتماعية والإنسانية!
- إفلاس البنوك وسرقة أموال المودعين في أكبر عملية سرقة في التاريخ!
- مشاكل البيئة والنفايات والمطامر الغير صحية!
- أزمة الكهرباء والماء المستعصية منذ مرور أدونيس على صخرة نهر الكلب!
- أزمة الطبابة والتعليم وتدني الأجور والبطالة والجريمة والمخدرات!
كل ذلك عدا وجود أكثر من مليوني لاجيء سوري وفلسطيني.. وداغستاني لاحقا، المطلوب اعادتهم الى بلدانهم في أسرع وقت ممكن!
هذه الملفات وغيرها من الملفات الطارئة مثل ملف التعيينات والانتخابات وما يصاحب هذه الملفات من كباش سياسي وحزبي وطائفي ومذهبي!
في المقابل:
مجلس الوزراء، وعبر شخص رئيسه تحديدا، وحتى لا نخطئ بالتعريف: الرئيس نواف سلام شخصيا، مشغول بالملفات التالية:
- التأكد من منع الطائرات الإيرانية من النزول في مطار بيروت!
- الحرص على العبوس بوجه الساسة الإيرانيين الموفدين الى لبنان!
- الحرص على الإفراج عن العملاء الذين ثبتت عمالتهم وهم محكومون من قبل القضاء!
- الإفراج عن سجين إسرائيلي اخترق السيادة اللبناني دون محاولة مبادلته بأسرى ومختطفين لبنانيين!
- الوثوق والتأكد من الافراج عن رياض سلامة عبر دفع مبلغ 15 مليون دولار كفالة، لم يسأل أحد كيف ومن أين جاء بهذه الأموال، وإن كان هناك من تبرع بها، فلماذا!
ثم الانتقال الى الملفات الأكبر والأكثر إثارة وتأثيرا على الرأي العام:
- ملف إضاءة صخرة الروشة، وقيل فيه ما قيل!
- ملف ترخيص مؤسسة رسالات، والإخراج الذي ألزم به!
-ملف ملاحقة الكوميدي الساخر المهضوم علي برو، وربما تحويله الى القضاء السعودي أو الإماراتي عسى أن يقطع رأسه بسبب خفة دمه!
وقد نستيقظ غدا على افتعال قضايا واختلاق ملفات وإشاعة الفوضى وإطلاق القنابل الدخانية في سياق التصويت على قانون انتخاب جديد، ومحاصرة المقاومة وبيئتها ومجتمعها في محاولة للنيل من شعبيتها ومشروعية تمثيلها في البرلمان وفي السلاح!
لا شك أنه في مطالعة سريعة لحجم الملفات التي هي محل ابتلاء، وسخف الملفات التي تشغل السيد نواف سلام نرى أنه من واجبنا السؤال:
هل الرجل سوي كفاية لكي يتابع في هذا الموقع؟!
أم هل نضم صوتنا للأستاذ حسن عليق وغيره من الناشطين والسياسيين والعقلاء الذين يعتبرون الرجل (لا يقل ضبطه عن المتعارف) وبالتالي عرضه على لجنة طبية عادلة مؤلفة من 12 طبيب، ستة وستة مكرر!
وحتى لا يقال أن ترامب وسلام ليسا الوحيدين الذين يجب عرضهما على لجان طبية لفحص الأهلية والقدرة العقلية لممارسة الحكم، فإن نتانياهو، قد تم عرضه على الضمير الإنساني ليخلص الى قرار يغطي شوارع أوروبا وأمريكا وأستراليا وكافة أنحاء الكوكب، أن هذا الرجل مريض، مجرم ومتوحش بشهادة أطفال غزة.. وانتصارها الدامي!
88 مشاهدة
15 أكتوبر, 2025
123 مشاهدة
14 أكتوبر, 2025
127 مشاهدة
13 أكتوبر, 2025