حسين الهاشمي - مونتريال
الكثيرون ينتقدون حكومة كيبك ومنهم السياسيون والصحفيون وأساتذة الجامعات بل وعموم الناس واحيانا يفترى على الحكومة امور ليست صحيحة ويمر الموضوع بكل سلاسة ويسر واحيانا ترد الحكومة او أعضاءها على الانتقادات واحيانا تتجاهلها وكل هذه الممارسات تعزى الى مساحة الديمقراطية التي تتيح الانتقاد بحرية ،ولكن فجأة وأد البعض الديمقراطية وصادر الاخر حرية الراي وتهستر غيره ليعلن ان الامن القومي في خطر وكله بسبب مقال كتبته مواطنة كندية كيبيكية المولد وباللغة الفرنسية وهي طالبة الدكتوراه فاطمة الموسوي ، ونشرته في صحيفة تنتقد فيه قانونا حكوميا وتدعو الحكومة الى معالجة المشاكل الحقيقية التي يعاني منها المواطن الكيبكي والتي تمس حياة الفرد والعائلة والمجتمع ككل، وقد كانت موضوعية جدا في مقالتها ولم تفتري كما يفعل غيرها بل اشارت الى مشاكل حقيقية يعانيها الناس وتؤثر على حياتهم المعيشية واليومية والمهنية والصحية والسكنية وهي تقود الى مشاكل اكبر لو قررت الحكومة عدم الالتفات اليها واستمرت في سياستها الشعبوية التي تؤثر على تماسك وتعايش المجتمع الكيبكي من خلال استهدافها فئات معينة وتغليب مصالح اخرين على مصلحة المجتمع ككل ، وليست الدكتورة فاطمة هي الوحيدة التي اشارت الى هذه الهموم والمشاكل بل ترددها المعارضة في البرلمان الكيبكي وكذلك الاقتصاديون والأطباء والمهتمون بالشأن الكيبكي فلماذا اصابت الهستيريا البعض ممن وجهوا سهامهم وانتقاداتهم الى شخص الدكتور فاطمة وليس الى مقالتها وليتهموها باتهامات لم يتهم بها اي سياسي او صاحب رأي معارض من قبل ؟ واوصلت الهستيريا بعضهم الى المطالبة بمنعها من الظهور على وسائل التواصل الاجتماعي وبانها خطر على الامن الكيبكي فيما وصل الحال باحد المأزومين ليتهمها بانها قد تكون تعمل لصالح دولة اخرى ناهيك عن التجريح و التجاوز الذي يدل على مدى المستوى الهابط لدى البعض .
فيا ترى ما هو السبب الذي دفع كل هؤلاء لمهاجمة الدكتور الموسوي ؟
لم يكن السبب انها مواطنة كندية ولدت في كيبك واتمت تعليمها حتى حصلت على الماجستير وهي في صدد الحصول على الدكتوراة فمثلها كثيرات في مجتمعنا الكيبكي ، وليس السبب انها قد اشارت الى المشاكل الحياتية الحقيقية التي يعاني منها المجتمع الكندي فالكثيرون يشيرون اليها وينتقدون الحكومة لفشلها بمعالجة المشاكل ، ولكن السبب الرئيس لحالة الهستيريا هي انها مسلمة محجبة بمعنى انها ترتدي الحجاب عن قناعة وايمان وانها على دراية تامة بالمشاكل التي يعاني منها المجتمع وهي متابعة جيدة للسياسة العامة للحكومة وهالها ان الحكومة تركت كل المشاكل وأصدرت قانونا يمنع لبس الرموز الدينية بحجة علمانية الحكومة وهو ما يعني استهداف عقيدتها واستهدافها هي بحد ذاتها وكل اخواتها المحجبات وكذلك كل من يرتدي الصليب او يلبس القلنسوة على راسه او يرتدي لباسا يرمز الى دين .
فكيف يمكن السماح لمسلمة محجبة (والحكومة اساسا تدينها وتحاربها في ارتداء الحجاب ) لان تفكر بهذا الشكل المنطقي والحقيقي والعقلاني وتكتب للاعلام وتشير الى حقيقة المشاكل الحياتية والاقتصادية والصحية والتعليمية التي تعاني منها كيبك وبصورة موضوعية ومهنية وواقعية ومعرفية ومن دون استخدام مصطلحات انتقادية حادة او اختيار كلمات عاطفية غاضبة ، كما ان اسلوبها يدل على انها متابعة للشأن السياسي الرسمي وغير الرسمي وتتابع قوانين وقرارات الحكومة وتتعمق في دراسة المشاكل التي يعاني منها المجتمع باعتباره مجتمعها التي تعيش فيه وفوق كل هذا تعارض و تعطي رأيها وتنصح الحكومة ؟
لقد كان هذا المقال للدكتورة الموسوي صفعة قوية وتفنيد تام لما يروجه أعداء الحجاب من انه يقمع المرأة ويمنعها من التعلم والتعليم وانه يحبسها في قالب مضغوط ويفقدها القدرة على العطاء والاندماج بالمجتمع خصوصا وانهم يرون اليوم بان هناك طبيبات ومهندسات وأساتذة جامعات وباحثات ومهن أخرى وهن يرتدين الحجاب عن قناعة و ايمان .
نعم لو كانت الدكتورة غير محجبة لكان المقال قد مر بسلام ودون ان يهددها احد او يتهجم عليها لان الجميع عندها يؤمنون بحرية الرأي كما نرى تعاملهم مع عضوات برلمان او سياسيات او رؤساء جمعيات ونوادي يبدين رأيهن بكل حرية ولم يتهمن بما اتهمت به الدكتورة الموسوي علما بان لديها صديقات وزميلات غير محجبات والكل يتعامل مع الاخر بروح المحبة والمودة والإنسانية .
شكرا دكتورة فاطمة الموسوي على هذا المقال ونتمنى من بناتنا واخواتنا ان يساهمن في كتابة مقالات تتناول الشأن السياسي والاقتصادي والاجتماعي و الصحي وغيره بموضوعية وواقعية كما فعلت الدكتورة الموسوي حيث كلنا مطالبون بحماية مجتمعنا والعمل على تقدمه وازدهاره والمشاركة في حل مشاكله لأننا ومعنا الاخرون بغض النظر عن الجنس او الشكل او القومية او الدين معنيون بالعمل على نمو وازدهار كيبك والحفاظ على نعمة الامن والأمان والاستقرار يدا بيد .
ملاحظة : ان مصطلح " Go Home " هو حق حصري لل" Indigenes " ولا يحق لغيرهم استخدامه لان الكل جاء مهاجرا سواء اكانوا قدماء او جدد ، لذا اقتضى التنويه .
120 مشاهدة
19 ديسمبر, 2025
184 مشاهدة
17 ديسمبر, 2025
169 مشاهدة
28 نوفمبر, 2025