ببالغ الحزن والأسى، أعلنت عائلة الحاج عبيد في اوتاوا عن " وفاة عبدالله الحاج عبيد، الزوج الحبيب، والأب والجد والأستاذ الجامعي والصديق، الذي يترك وراءه إرثًا من الإلهام والبهجة والكرم".
" وُلد عبدالله ونشأ في أميون، الكورة، لبنان. التحق بالجامعة اللبنانية في بيروت لدراسة الآداب والتربية، وتم انتخابه رئيسًا لرابطة الطلاب خلال دراسته. درّس في عدة مدارس في لبنان قبل أن تستقطبه اليونسكو لتدريب المعلمين في جمهورية الكونغو. وعند بلوغه السن القانونية للانتخاب في لبنان (21 عامًا)، تم انتخابه عضوًا في بلدية أميون، وبعد سنتين أصبح القائم بأعمال البلدية.
أسس مدرسة ثانوية خاصة في أميون عام 1967، أدارها لمدة تسع سنوات، وكتب خلالها العديد من الكتب والمسرحيات المدرسية، مما جعل المدرسة مركزًا ثقافيًا للمنطقة. كما افتتح أول مكتبة في منطقة الكورة، وألقى العديد من المحاضرات والخطب.
تزوج من ماريان شماس في أميون عام 1976، وغادرا في رحلة شهر عسل لمدة 5 أشهر. وخلال غيابهما، تم نهب وتدمير منزله ومدرسته ومكتبته بالكامل، فلم يبقَ لهما ما يعودان إليه. قدّما طلبًا للهجرة إلى كندا من باربادوس، ووصلوا كندا كمهاجرين دائمين في سبتمبر من العام نفسه.
استقر في أوتاوا، ودرّس في برامج التعليم الفرنسي للناطقين بالإنجليزية في منطقة إييلمير. وفي عام 1982، أسس برنامج الدراسات العربية في جامعة أوتاوا، وشغل منصب مدير كرسي الدراسات العربية لمدة 37 عامًا. تخرّج آلاف الطلاب من هذا البرنامج، وكان له دور كبير في توقيع 24 اتفاقية تعاون بين جامعة أوتاوا وجامعات عديدة في العالم العربي.
كان أيضًا من مؤسسي قسم الأخبار العربية في راديو كندا الدولي، وعمل كصحفي حر لمدة 20 عامًا، يغطي أخبار أوتاوا ومناسباتها. كما كان عضوًا في اللجان الكندية للسلام في العالم والشرق الأوسط، وعضوًا في مجموعة نقاش الشرق الأوسط. نال العديد من الأوسمة والجوائز، منها وسام اليوبيل الملكي وميدالية كندا 150، تقديرًا لإسهاماته في التعليم وتعزيز العلاقات بين كندا ولبنان والعالم العربي.
سيفتقده بشدة كل من زوجته ماريان (شماس)، وبناته كارولين (مارك نسيم)، نيكول (كوري ماتزوكا)، وألما (ديفيد ديل جوديتشي)، وأحفاده ليلى (13 عامًا)، مالك (11)، زين (10)، ولوكا (10)، بالإضافة إلى أشقائه سلوى، شحادة، وإلين في لبنان، وعدد كبير من الأصدقاء والعائلة الممتدة.
د. عبدالله الحاج عبيد كان شخصية محبوبة، لم تفارق الابتسامة وجهه، وترك أثرًا في كل من قابله، بما في ذلك طاقم مستشفى أوتاوا العام ومؤسسة ماي كورت للرعاية التلطيفية، الذين قدّموا له رعاية متميزة.
تتقبل العائلة التعازي يوم الخميس 24 يوليو 2025، من الساعة 6 إلى 8 مساءً، في صالة جنازات بيتشوود (280 شارع بيتشوود، أوتاوا). وستقام مراسم الجنازة يوم الجمعة 25 يوليو في كاتدرائية القديس إلياس الأرثوذكسية الأنطاكية (2975 شارع ريفرسايد، أوتاوا)، ثم يُوارى الثرى في مقبرة بيتشوود الساعة 1 ظهرًا."
وبدلًا من إرسال الزهور، يمكن لمن يرغب تقديم تبرعات إلى كاتدرائية القديس إلياس أو مؤسسة أوتاوا للسرطان.
أحد الادمغة العربية المهاجرة من لبنان
ونشير هنا الى مقال للدكتور الياس خليل زينتحدث فيه عن د. الحاج عبيد جاء فيه:
" في الوقت الذي تشهد فيه لغتنا العربية تراجعاً غير مسبوق اجمالاً، في جامعات ومدارس بلداننا العربية، لمصلحة اللغات الأجنبية، الحيّة، نجد، في المقابل، ظاهرة جديدة تتمثل في نجاح تجربة نشر اللغة العربية وآدابها وثقافتها في جامعة أوتاوا، في كندا، وكذلك في بعض جامعات الولايات المتحدة. فمن وراء هذه التجربة الناجحة، في نشر لغة الضاد وآدابها وتعزيزها في كندا والولايات المتحدة الأميركية؟
" الأستاذ الدكتور عبد الله بطرس الحاج عبيد، المؤسس – الرئيسي لكرسي الدراسات العربية في جامعة أوتاوا وأستاذ اللغة العربية فيها، هو أحد الادمغة العربية المهاجرة من لبنان. ولد في العام 1939 في مدينة أميون، عاصمة قضاء الكورة (محافظة لبنان الشمالي) وكان قد هاجر وعقيلته قسراً، الى كندا صيف العام 1976، إبان الحرب الداخلية في لبنان (1975 – 1990).
" نتيجة نجاح مبادرة البروفسور عبد الله، في نشر اللغة العربية، بخاصة بين ابناء الجاليات العربية، منحته كندا جائزة الحاكم العام للبلاد، والتي تمنح عادة باسم ملكة المملكة المتحدة، حيث لا تزال كندا تتبع التاج البريطاني. وجاء هذا التقدير من الملكة البريطانية لإنجازاته وإسهاماته في العلم والتربية والتعليم، بالإضافة الى نشر اللغة العربية، خلال فترة تمتد لأكثر من 30 سنة في كندا.
التجربة الرائدة:
" ما ان استقر في اوتاوا، حتى اكتشف البروفسور عبد الله غياب تعلّم العربية في أوساط الجاليات العربية، بما فيها الجالية اللبنانية. ولاحظ نشوء أجيال كندية، من أصول عربية، ترتبط بشكل واع مع الوطن الام، أي لا يتعدى ذلك ما نقله الاهل لها في البيت. لذلك سعى، منذ البدء، الى نقل خبرته الشخصية في مجال التربية والتعليم في لبنان. وتشجّع عندما استمع الى السناتور (الشيخ) اللبناني – الكندي بيار دبانة، الذي تعود جذوره الى مدينة صيدا، الذي كان وزيراً في حكومة كندا الفيدرالية، يومذاك، يتحدث أمام جمع من الجاليات العربية عن الانخراط في كندا وضرورة إسهام أبناء الجالية اللبنانية بخبراتهم وكفاياتهم الاكاديمية والعلمية، في مجتمع كندا المتعدد الأعراق والجنسيات. وتزامن ذلك مع فترة تدفقت فيها أعداد غفيرة من اللبنانيين المهاجرين الى كندا، بسبب الحرب في بلدهم، بحيث وصل تعدادهم الى 75 ألفاً خلال الأعوام 1976 – 1989.
" كان عبد الله، الذي يحمل شهادة الليسانس في اللغة العربية وآدابها من الجامعة اللبنانية، قد لاحظ غياب مدارس تُعنى بتعليم اللغة العربية لأبناء المهاجرين الجدد. وعليه، تقدم بطلب الى جامعة أوتاوا، التي تعتبر من كبريات مؤسسات التعليم العالي في كندا، لتعليم اللغة العربية وآدابها فيها. فوافق عميد كلية الاداب على الطلب، ومنحه سلطة تنفيذ مشروعه الرائد من نوعه.
" بدأ الدكتور عبد الله برنامجه في تعليم اللغة العربية في العام 1982، انطلاقاً من 24 طالباً وطالبة. ثمّ توسّع هذا البرنامج الرائد، بسبب النجاح الذي حققه، الى تقديم مقررات عن الحضارة العربية الكلاسيكية والحديثة (أضيفت في العام 1984) والاداب العربية. وتضم المقررات: الشعر والادب والقصة والمسرح، بالاضافة الى أكثر من عشرين مادة في أصول اللغة والقواعد والمخاطبة للمستويات الثلاثة كلها: المبتدأ، المتوسط، المتقدم. ثم ما لبث أن توسع البرنامج في السنوات اللاحقة ليصل العدد في العام 2013 الى اكثر من ألف طالب.
" ويقول استاذ اللغة العربية د. عبد الله: "ضم الكرسي 30 طالباً كندياً من اصل عربي (أغلبهم من لبنان) في عام تأسيسه 1982. جاء ذلك مع الهجرة القسرية اللبنانية، أثناء الحرب الداخلية في البلاد وتوزع الطلبة الى صفين، أحدهما فرنسي والاخر إنكليزي اللغة". أما اليوم (2013) فتضمّ (الكرسي) المذكروة اكثر من 300 طالب وطالبة، يتوزعون على 13 صفاً (حصة دراسية). وتشمل حالياً، بالاضافة الى تدريس اللغة ودراسة الحضارة العربية، بشقيّها القديم والجديد، دراسة الاداب العربية، بدءاً من عصر الجاهلية وحتى العصر الحديث. وهي تُعطى في صفوف الحضارة والاداب باللغتين العربية والانكليزية. ويأتي ذلك مع إعطاء نماذج بالعربية، لمن يحسنوها، من الطلبة. وهي، بالطبع، مترجمة الى الانكليزية والفرنسية للطلبة كافة".
نتقدم من عائلة الراحل الدكتور عبد الله الحاج عبيد باحر التعازي القلبية.. له الرحمة ولذويه ومحبيه وأصدقائه جزيل الصبر والسلوان
* الصورة من صفحة بيتشوود اوتاوا
1 مشاهدة
23 يوليو, 2025
195 مشاهدة
22 يوليو, 2025
125 مشاهدة
19 يوليو, 2025