المحامي وليم خربوطلي ـ مونتريال

في 9 مارس 2025، انتُخب الاقتصادي مارك كارني، الخبير الاقتصادي البارز والحاكم السابق لكل من بنك كندا وبنك إنجلترا، زعيمًا للحزب الليبرالي الكندي، خلفًا لجاستن ترودو، بعد حصوله على نسبة 85.9% من الأصوات، متفوقًا على كريستيا فريلاند التي حصلت على 8% من الأصوات.  مما يعكس دعمًا قويًا داخل الحزب، جالبًا معه خبرة اقتصادية واسعة إلى أعلى منصب في البلاد.

بعد انتخابه، قام كارني  14 مارس 2025، بتشكيل حكومة جديدة مصغرة تضم 24 وزيرا وقفا للتالي:

• مارك كارني، رئيس الوزراء.
• دومينيك ليبلان، وزير التجارة الدولية والشؤون الحكومية و رئيس مجلس الملك الخاص بكندا.
• ميلاني جولي، وزيرة الخارجية والتطوير الدولي.
• فرانسوا-فيليب شامبان، وزير المالية.
• أنيتا أناند، وزيرة الابتكار والعلوم والصناعة.
• بيل بلير، وزير الدفاع الوطني.
• باتي هاجدو، وزيرة خدمات السكان الأصليين.
• جوناثان ويلكنسون، وزير الطاقة والموارد الطبيعية.
• جينيت بيتيتباس تايلور، رئيسة مجلس الخزانة.
• ستيفن جيلبو، وزير الثقافة والهوية الكندية، وحدائق كندا وممثل الحزب الليبرالي في كيبيك. (Lieutenant of Quebec)
• كريستيا فريلاند، وزيرة النقل والتجارة الداخلية.
• كمال خيرا، وزير الصحة.
• غاري أنانداسانغاري، وزير العدل والمدعي العام في كندا ووزير العلاقات بين التاج والسكان الأصليين والشؤون الشمالية.
• ريتشي فالداز، كبير زعماء الحكومة (chief government whip).
• ستيفن ماكينون، وزير الوظائف والعائلات.
• ديفيد جي. ماكغينتي، وزير السلامة العامة والاستعداد للطوارئ.
• تيري دوجيد، وزير البيئة وتغير المناخ.
• نيت إرسكين-سميث، وزير الإسكان والبنية التحتية والمجتمعات.
• راشيل بينديان، وزيرة الهجرة واللاجئين والمواطنة.
• إليزابيث بريير، وزيرة شؤون المحاربين القدامى ووزيرة مسؤولة عن وكالة الإيرادات الكندية.
• جوان طومسون، وزيرة مصايد الأسماك والمحيطات وحرس السواحل الكندي.
• أرييل كاياباجا، زعيمة الحكومة في مجلس العموم (leader) ووزيرة المؤسسات الديمقراطية.
• كودي بلويس، وزير الزراعة والأغذية والتنمية الاقتصادية الريفية.
• علي إحساسي، وزير التحول الحكومي والخدمات العامة والمشتريات.

 يلاحظ ان 18 وزيرا من الحكومة السابقة فقدوا مراكزهم، ابرزهم مارك ميلر وجان ايف دوكلو حيث انهما كانا مقربين جدا لترودو. إن رغبة كارني في الابتعاد عن اليسار والتوجه اكثر الى الوسط تمثلت في إقصاء احدى المرشحات لقيادة الحزب كارينا غولد والتي حصلت على 3% تقريبا من الاصوات في الانتخابات الداخلية الاخيرة للحزب.

 بطبيعة الحال يوجد وزراء تمت ترقيتهم مثل فرانسوا-فيليب شامبان وراشيل بن دايان.

ميلاني جولي حافظت على حقيبتها بالإضافة الى التطوير الدولي، مما يعتبر رضاءا عن عملها في هذه الوزراة لحد الآن.

ستيفن جيلبو انتقل من البيئة الى الثقافة والهوية الكندية وايضا ليصبح ممثل الحزب الليبرالي الكندي في كييبك خلفا لجان ايف دوكلو.

تأتي هذه التغييرات في وقت يشهد فيه الحزب الليبرالي ارتفاعا في شعبيته. فقد أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة تقدم الليبراليين بنسبة 38% مقابل 36% لحزب المحافظين، وهو تحول كبير مقارنة بالفارق السابق الذي بلغ 26 نقطة لصالح المحافظين في نهاية العام 2024.

هذا التحول يُعزى جزئيًا إلى التهديدات الاقتصادية التي تواجه كندا، بما في ذلك التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على السلع الكندية. هذه التعريفات، أثارت مخاوف بشأن تأثيرها على الاقتصاد الكندي والسيادة الوطنية. وقد وعد كارني بالتصدي لهذه السياسات من خلال تعزيز الاقتصاد الكندي والوقوف بحزم ضد الإجراءات التجارية الأمريكية، كما جاء في صحيفة الوول ستريت الاميركية.

تذكير ومقارنة بين البرامج الاقتصادية للحزبين الليبرالي والمحافظين

تعكس الرؤى الاقتصادية للحزبين الليبرالي والمحافظ نهجين مختلفين لمستقبل كندا المالي:

الحزب الليبرالي : تحت قيادة كارني، يسعى الليبراليون إلى تنويع الشراكات التجارية لكندا، وتقليل الاعتماد على السوق الأمريكية، والاستثمار في النمو المستدام. يشمل برنامج كارني إلغاء ضريبة الكربون على المستهلكين لتخفيف الضغوط المالية عن الكنديين. بالإضافة إلى ذلك، يبرز دوره كرئيس لفريق عمل زعيم الحزب حول النمو الاقتصادي التزامه بوضع استراتيجيات للنمو والإنتاجية على المدى القريب والبعيد. 

المثير للاهتمام في ما سبق هو رغبة كارني في التخلي عن ضريبة الكربون والتي كانت ركنا اساسيا في سياسة ترودو البيئية مما يشكل تغييرا جذريا في سياسة الليبراليين البيئية وما يبرر ايضا تغير حقيبة جيلبو من البيئة الى الثقافة حتى لا يوضع في مكان محرج حيث انه كان له دورا رئيسيا في فرض هذه الضريبة.

بهذه الخطوة، يكون كارني قد قام بضرب ركن اساسي في برنامج المحافظين البيئي حيث ان هذه الضريبة كانت ولا زالت جزءا اساسيا من استراتيجيتهم ضد ترودو.

حزب المحافظين : تحت قيادة بوالييفر، يركز المحافظون على ضبط المالية العامة، من خلال اقتراح تخفيضات ضريبية وتقليل الإنفاق الحكومي لتحفيز النشاط الاقتصادي. يؤكد برنامجهم على موازنة الميزانية وتعزيز نمو القطاع الخاص.

خطط التعامل مع التوترات التجارية مع الولايات المتحدة

يعترف الحزبان بالتحديات التي تفرضها التعريفات الجمركية الأخيرة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على البضائع الكندية:

الحزب الليبرالي: يدعو كارني إلى فرض تعريفات انتقامية لمواجهة الإجراءات الأمريكية، مع التأكيد على أهمية الحفاظ على سيادة كندا الاقتصادية. كما يخطط لتعزيز العلاقات مع الحلفاء الأوروبيين لتخفيف تأثير السياسات التجارية الأمريكية وتقليل الاعتماد الاقتصادي على السوق الأمريكية.

حزب المحافظين: في حين لم يتم تفصيل استراتيجيات محددة، فإن تركيز بويليفر على تخفيض الضرائب والتقشف المالي يشير إلى أنه يسعى إلى تعزيز الاقتصاد المحلي ليكون أكثر قدرة على تحمل الضغوط الخارجية.

ما هو جدير للذكر هو، ورغم انتخاب حكومة جديدة أقصت 18 وزيرا من حكومة ترودو، ابقى بوالييفر على استراتجيته في محاربة الليبراليين عبر ربطهم بترودو، مقلدا ترامب في حملته الأخيرة ضد هاريس حيث انه ايضا اعتبرها امتدادا لبايدن. فإننا نرى على صفحات التواصل الاجتماعي للعديد من النواب المحافظين هجوما لاذعا على كارني بدل ان يقوموا بشرح كيف ولماذا وبماذا يتميز حزب المحافظين الكندي عن غريمه الليبرالي. اعتقد انه على بوالييفر ان يعرف ان الاستراتيجيات ذات النكهة الترامبية ليس لديها الكثير من الرضى لدى الرأي العام الكندي بكشل عام.

الكنديون بحاجة الى حكومة تقترح لهم خطة لمواجهة التحديات الاقتصادية الداخلية والخارجية وليس حفلة شتائم سياسية تجاه الخصم. الكنديون بحاجة لرسائل ايجابية تعطيهم املا في المستقبل وليس طاقة سلبية اضافية على ما لديهم من مشاكل وقلق.

في الختام، يبدو أن الحزب الليبرالي بقيادة مارك كارني قد استعاد زخمه السياسي، مستفيدًا من خبرة زعيمه في الشؤون الاقتصادية والتحديات الخارجية التي تواجه كندا. ومع اقتراب الانتخابات الفيدرالية المقبلة، ستكون قدرة الليبراليين على التعامل مع السياسات التجارية الأمريكية والتحديات الاقتصادية المحلية عاملاً حاسمًا في تحديد نتائج الانتخابات.، مما يمهد الطريق لمنافسة سياسية ديناميكية في الانتخابات المقبلة. 

* الصورة من صفحة كارني عبر وقع اكس