Sadaonline

المحامي وليام خربطلي لـ"صدى أونلاين": شرطة مونتريال تحمي المتظاهرين وتستطيع جامعة ماكغيل بدعوى قضائية تفكيك خيم التضامن مع فلسطين

صدى اونلاين - مونتريال

لا بد من الاشارة في البداية الى انه عندما أجريت هذه المقابلة لم تكن جامعة ماكغيل قد رفعت دعوى ضد المتظاهرين في حرمها بعد. 



تحركات الطلبة في الجامعات الكندية على المستوى القانوني ناقشها موقع "صدى أونلاين" مع المحامي وليام خربطلي، الذي أكد  خلال مقابلة مع موقعنا على أنّ الشرطة في مونتريال هي التي ساهمت في الحفاظ على حرية الرأي والتعبير ، وأنّ موقفها المحايد منذ بداية الاحتجاجات مع كل الاطراف ساهم في ارتفاع وتيرة التحركات التضامنية مع فلسطين واستمرارها.
ويقول الأستاذ خربطلي أنّ جرم معاداة السامية الذي أضيف إلى القانون الكندي مؤخرّا، يتعلّق بنفي الهولوكوست أي المحرقة، وأن انتقاد اسرائيل ليس معاداةً للسامية، كما أن انتقاد الصهيونية أيضا ليس معاداةً للسامية، لأنّها حركة سياسية.
وأشار  خربطلي أيضاً إلى أنّه لا يمكننا التغاضي عن أن الجماعات الموالية لاسرائيل لديها مكاتب محاماة تعمل بجدٍ، وموجودة على الأرض، بينما نجد أن الطرف المقابل للأسف اي الجالية العربية المسلمة لا يوجد لديها محامين من الجالية المسلمة يدافعون عن المتضامنين مع فلسطين.
ولفت المحامي خربطلي إلى الفرق بين انتهاك سياسة الجامعات وانتهاك حرم الجامعات، حيث كشف أنّهما موضوعين مختلفان، الجامعة هي حرم خاص ويجب على الطلبة أن يحترموا  قوانينها، وبالتالي يحق لهم التظاهر ولكن ضمن شروط الجامعة لأنّ أرضها تعتبر أرضاً خاصة، كما قال خربطلي.
أمّا اذا ما قامت الجامعة برفع دعوى على المتظاهرين لتفكيك الخيم، وأخذت حكمًا قضائيًا بذلك، هنا نكون أمام دعوى جزائية، حيث لا تستطيع الشرطة أن تناور لأنّ هناك مخالفةً للقانون تم اثباتها من خلال حكم قضائي.

بداية نريد أن نتحدث معكم عن مسار التحركات الشعبية في كندا التي انطلقت منذ السابع من أكتوبر /تشرين الأول بداية الحرب الاسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة حتى اليوم، ونريد منك تقييمًا قانونيًا لحرية الرأي والتعبير الممارسة في كندا والمتمثلة في هذه الاحتجاجات التي تتصاعد وتيرتها وصولاً الى الشكل الذي اتخذته اليوم وهو نصب الخيم في حرم الجامعات؟

أريد أن أقوم بمقاربتين، الأولى أريد المقارنة بين أميركا وكندا، والثانية سأتحدث عن الفرق بين اليهودية والصهيونية ومعاداة السامية.
حرية التعبير في الغرب عموماً موجودة دائمًا، ولكن عندما نصل إلى حرية التعبير فيما يتعلق بانتقاد اسرائيل والدفاع عن القضية الفلسطينية، يختلف الموضوع نهائيًا.
ولكن هنا أؤكد أنّ هذه الحرية موجودة بشكل كبير في كندا مقابل أميركا، حيث لا مجال للمقارنة. وهذا مردّه عدة أسباب، وهي أنَّ الجمعيات المناصرة لاسرائيل لديها وجود أكبر على صعيد السياسة الامريكية من نظيرتها الكندية، ليس لأنّ هذه الجمعيات الموالية لاسرائيل تريد أن تكون موجودة بشكل أكبر بل لأنّ النظام السياسي في اميركا مختلف عن النظام السياسي في كندا. فمثلا في أميركا لا يوجد سقف للتبرعات السياسية مثل كندا، كما أن هناك شركات ليس فقط أشخاص يحق لها أيضًا التبرع للأحزاب السياسية وللسياسيين الأميركيين. 
ولأنَّ هدف السياسي هو الربح، بالتالي فإنّ مقياس الربح هو المال، الأمر الذي يجعله أكثر ميلاً للجهة التي تدعمه مادياً أي الجهة التي تدعم اسرائيل. وبالتالي نعم هناك حرية رأي وتعبير في كندا وهي قوية أكثر من أي بلد آخر ، خاصة أميركا.
و من باب التوضيح لا بد من الاشارة الى نقطة مهمة الا و هي دور الطاولة الاستشارية للجالية المسلمة في كيبيك في التواصل الدائم و التفاهم مع العديد من اصحاب القرار و منهم شرطة مونتريال و هيئات طلابية . اضافة الى حالة الوعي عند مجموع الطلاب المعتصمين و الذي اشارت الشرطة في أحدى تعليقاتها الصحفية السابقة انه لا يوجد شيء مما يقومون به له بعد جرمي . 



برأيك استاذ ويليام هل هذه الحرية هي التي ساهمت بأن نشهد التحركات الاحتجاجية المتضامنة مع فلسطين والمناهضة للإبادة الجماعية في غزة وهل هذه التحركات مردّها الحرية المصانة في كندا؟

نعم طبعًا، هناك أكثر من عامل ساهم بارتفاع وتيرة التحركات المتضامنة مع فلسطين. هناك الشرطة التي لعبت دوراً مهماً جدًا في حماية المتظاهرين. أذكر هنا أنه في بداية التحركات تحديدًا بعد تاريخ 7 أكتوبر/تشرين الأول، الشعب الكندي الذي يدعم اسرائيل كان يرى في كل متضامن مع فلسطين معادٍ للسامية، وبالتالي في بداية الاحتجاجات شهدنا على بعض التجاوزات في ممارسات الشرطة، التي أرى أنّها لم تكن مقصودة، لأنه لم يكن هناك تنسيق بينها وبين المنظمين لهذه التظاهرات. وأعود وأذكّر أنّ هذه التجاوزات كانت في بداية التحركات فقط، ولكن الذي ساهم في حماية حرية الرأي والتعبير فعلا هو وجود الشرطة وموقفها المحايد منذ بداية الطريق مع كل الأطراف، وأكثر من ذلك لو لم يكن رئيس شرطة مونتريال هو فادي داغر لم نكن لنشهد هذا الموقف من قبلها، لأنّه شخص يفهم ثقافة الموضوع وهو أيضا جزء من هذه الجالية عمومًا.

أظهر استطلاع جديد للرأي أن أكثر من نصف الكنديين يقولون إن حرية التعبير مهددة … هل هناك بالفعل تضييق على الحريات لا سيما أنّ الجماعات المؤيدة لاسرائيل تضغط في هذا الاتجاه؟ 

في البداية، إذا أردنا أن نتحدث عن معاداة السامية فهي كجريمة تمت إضافتها مؤخرًا، تحديدًا منذ عامين أو ثلاثة إلى قانون العقوبات الكندي، ولكن جرم معاداة السامية يتعلق بنفي الهولوكوست أي المحرقة، ولنكون واضحين انتقاد اسرائيل ليس معاداة للسامية.
يجب أن نفرّق بين المصطلح القانوني والمصطلح الاجتماعي السياسي، فاستنادًا إلى المصطلح القانوني، كل ما يحدث الآن لا علاقة له بمعاداة السامية. أمّا اذا أردنا أن نناقش الموضوع من الناحية السياسية الاجتماعية، فهناك يهود ضد السياسة الاسرائيلية وبالتالي هنا بتنا أمام معادلة الصهيونية مقابل اليهودية.
وبالتالي فإنَّ قاعدة أننا لسنا ضد اليهود بل ضد الصهيونية، ليست أيضاً معاداة للسامية لأن الحركة الصهيونية هي حركة سياسية مثل أي حركة سياسية أخرى، وللجميع الحق في انتقادها كما يريدون.
واذا اردنا أن نعود إلى السؤال عن المؤسسات الصهيونية التي تمارس ضغوطاً لتقمع الحريات، فأنا هنا لا أستطيع أن أحكم بالنوايا، ولكن وفقًا لما أراه وأتابعه على الأرض يتم استخدام المحاكم لرفع دعاوى على أشخاص وجمعيات بتهمة تهديد أمن بعض اليهود وبعض الكنس،  وهناك عدد من القضاة الذين أصدروا أحكامًا،  كما أنّ هناك قضاة آخرين رفضوا الأمر وبالتالي هذا موضوع قضائي بحت. لا يمكننا أبدا التغاضي عن أن هذه الجماعات الموالية لاسرائيل لديها مكاتب محاماة تعمل بجد، وموجودة على الارض، بينما نجد أن الطرف المقابل للأسف الجالية العربية المسلمة ليس لديها محامين مسلمين يدافعون عن المتضامنين مع فلسطين.
وهنا اذكر مثلا أن أحد المدافعين عن المتظاهرين في جامعه ماكغيل هو محامي يهودي. وبالتالي اذا ما اردنا أن نجيب على سؤال هل هم يقمعون الحريات؟ أقول لا، ولكن طبعًا هم يستخدمون القضاء من أجل ممارسة حقوقهم، ولكن لأي درجه لديهم الحق هنا أضع علامات استفهام؟؟  واعتقد أنَّ الحكم الذي خسروه ضد المتظاهرين في جامعة ماكغيل يثبت أن ليس كل ما يقولونه صحيحا. وهذا يعني أن حريه الرأي والتعبير مصانة في الدستور والقانون الكندي ويستطيع المرء الدفاع عن قضيته في المحاكم لكن يجب أن يكون مؤهلاً لذلك. 


هل ترافعون عن أحد من المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين ..وما هي طبيعة الاتهامات وهل هناك خلفيات عنصرية ضدهم أو نتيجة تحريض الجماعات المؤيدة لاسرائيل؟

منذ شهرين تقريبًا نجحت الجماعات الموالية لاسرائيل في استحصال أمر قضائي ضد الجمعيات الموالية لفلسطين من ضمنهم جمعية يهودية وأحد الاشخاص الفاعلين في الجالية لا أريد أن أذكر اسمه، والذي تم استهدافه شخصيًا من قبل 20 جمعية يهودية موالية لاسرائيل. ما حدث هو أن تبليغات المحاضر للدعاوى وصلت قبل يوم واحد من المحكمة فقط، وفي بعض الاحيان كانت تصل قبل ساعات، الأمر الذي خولهم النجاح لأنّ الأمر القضائي صدر دون حضور الفريق المدعى عليه، وبالتالي في مثل هذه المعارك نخسر ليس لأننا غير محقين،  بل لانّنا لا نمتلك الوقت الكافي للتحضير كي نستطيع الربح.  بينما عندما نمتلك الوقت الكافي للتحضير ومراجعة قضايانا كما يجب نربح وهو ما جرى بالفعل مع الشخص الفاعل في الجالية، حيث ربحت الحكم مقابل ست جمعيات موالية لاسرائيل لم تنجح بشمله في قرار المنع من التظاهر.
وفي هذه الحالة فإنّ التحضير للقضية لعب دوراً كبيراً وأيضًا وجود قاضي يريد أن يسمع لعب دورًا أيضا. لأنه قبل ذلك كان هناك قاضي لم يأخذ بعين الاعتبار أنني كمحامي لم أبلغ في الوقت المناسب، ليتسنى لي التحضير للقضية. باختصار عندما يتمكن الشخص من الدفاع عن نفسه ويمتلك الحجج ويحضّرها جيدا، يربح وهذا دليل على أن الحرية مصانة ونوعًا ما لا خوف عليها هنا في كندا. وهنا أيضا أذكر أن لدينا في الجالية نقصًا على مستوى رجال القانون والمحامين، هناك أشخاص بالفعل يساهمون وراء الكواليس ولكنّنا نحتاج أيضا إلى أشخاص حاضرين في المحكمه للدفاع عن القضية الفلسطينية.


في ما يتعلق بخصوصية تحركات الطلبة في جامعة ماكغيل وجامعة تورنتو هل نحن أمام انتهاك لسياسة الجامعات بمعنى آخر هل هذه التحركات قانونية؟

هناك فرق بين انتهاك سياسة الجامعات وانتهاك حرم الجامعات، هناك اختلاف بين الموضوعين، الجامعة هي حرم خاص ويجب على الطلبة أن يحترموا  قوانينها، وبالتالي يحق لهم التظاهر ولكن ضمن شروط الجامعة لأنها تعتبر أرضاً خاصةً. أمّا على الصعيد النظري البحت فللطلبة حرية الرأي والتعبير عمّا يريدونه، ولكن على الصعيد القانوني، لا يحق للطلبة بأن يقوموا بنصب خيم في مكان تابع لهيئة خاصة، الفعل مخالف للقانون. وبالتالي هنا اتحدث عن فعل نصب الخيم هو مخالفة لانّه في حرم خاص.
ولكن الجامعات هي مكان تبادل الآراء والنقاشات مهما كانت حادة، وهذه الجامعة كان يمكنها أن تقول في البدايه أنّها تريد التوجه إلى المحكمة لكنها لم تفعل ذلك، وهنا أوضح أن جامعة ماكغيل ليست هي من رفعت دعوى قضائية على المتظاهرين بل أشخاص زعموا أن المتظاهرين يهددون أمنهم كيهود ويمنعونهم من الدراسة.
ولكن لو كانت الجامعة هي من رفعت الدعوة على الارجح كانت قد حصلت على قرار قضائي باخلائهم، لانّ هذا الحرم هو ملك خاص لها، وبالتالي فإنّ الحق بالتظاهر من أجل انتقاد سياسة الجامعة وطريقة التظاهر هما أمران مختلفان. 


هل يحق للجامعة التلويح والتهديد بتعليق دراسة المشاركين في الاحتجاجات كما فعلت جامعة تورنتو؟

عندما تكونين طالبة في الجامعة انت مجبرة على احترام قوانينها، وبالتالي نعم يحق للجامعة أن توقف الطالب عن الدراسة ولكن أن تقوم باستبعاده من الجامعة بسبب أنّه قام بالتظاهر وعبّر عن رأيه السياسي، هنا لا يحق للجامعة أن تفعل ذلك. يجب أن نفرّق بين الاستبعاد بناءً على آراء الطالب، وبين الاستبعاد بسبب مخالفة قواعد الجامعة، أو التعدي على أملاك الجامعة. قبول الطالب ليس حق بل هو امتياز في الجامعة الخاصة.

هل يحق للشرطة فض الاحتجاجات ومن الذي يصدر مثل هذا القرار؟  هل البلدية أو الحكومة واذا ما صدر مثل هذا القرار هل يحق للشرطة رفض تنفيذه؟

هناك ثلاثة معايير تلجأ إليها الشرطة قبل أن تقوم بالتدخّل، وهي النظر ما إذا كان هناك حكم قضائي يفرض عليها التدخل. العامل الثاني هو وجود تهديد للأمن، أو ارتكاب لجريمة. العامل الثالث هو وجود أمر قضائي . يجب أن تجتمع هذه العوامل الثلاثة كي تقوم الشرطة بالتدخل . وأود أن أشير إلى نقطة هامة هي أن الشرطة اليوم قادرة على التدخل ولكنها لا تريد ذلك. وهي تمتلك القرار الذاتي من أجل التدخل ولكن هي الآن تقف على الحياد، وتمتلك مجالا للمناورة. ووفقا للمعطيات، إذا تم إصدار أمر قضائي بأنَّ المتظاهرين يشكلون تهديدا أمنيًا، ورأت الشرطة أن هذا الامر غير صحيح تستطيع أن لا تتدخل. علمًا أن الشرطة حاليًا تلام من الطرف الآخر الموالي لاسرائيل لأنها لا تتدخل في ايقاف الطلبة عن التظاهر، حتى أنها تلام من حكومة كيبك ومن الجامعات حتى من رئيس الحكومة الكندية. الشرطه لا تتدخل بكل بساطة لانّ التحرك حتى الساعة هو سلمي. وأعود وأكرر أن جامعة ماكغيل لم تقم برفع دعوى على أحد.
أمّا اذا ما قامت الجامعة برفع دعوى على المتظاهرين لتفكيك الخيم واخذت حكما قضائيا بذلك، هنا نكون أمام دعوى جزائية، حيث لا تستطيع الشرطة أن تناور لأنّ هناك شيئًا مخالفًا للقانون وتم اثباته من خلال حكم قضائي.
كما أن هناك أيضا فرق بين الحكم المدني والحكم الجزائي. دائما في القضايا الجزائية لا يوجد مجال للمناورة، لكن في المسائل المدنية الأمر مختلف، فاذا رفض المتظاهرون الخروج من حرم الجامعة في الدعوى القضائية يجبرون على دفع تعويض ولكن في الدعوى الجزائية يجبرون على دخول السجن وبالتالي هنا يكمن الفرق . 

رئيس حكومة كيبك فرونسوا ليغو دعا إلى تفكيك الاحتجاجات هل يملك السلطة القانونية لذلك؟ وألا تعتبر الدعوة التي أطلقها تحريضًا ضد المتظاهرين؟

نعم أنا أعتبر أن دعوة ليغو هي تحريض ضد المتظاهرين الموالين للقضية الفلسطينية، طبعًا مع الاخذ بعين الاعتبار أن حكومة ليغو أخذت قراراً بفتح مكتب لكيبك في تل ابيب، رغم كل الاعتراضات.  كما أن ممثل البعثة هناك يمارس مهامه رغم الدعوات التي وجهت إلى ليغو من أجل تجميد عمل مكتب كيبك في تل ابيب، الا أنه رفض وبالتالي موالاته لاسرائيل واضحة على الصعيد السياسي، أمّا على الصعيد القانوني فهو لا يمتلك أي سلطة على الشرطة، قوته فقط في وزارة الداخلية التي لها سلطة الوصاية على البلديات وشرطة البلديات بشكل عام ، فتستطيع الحكومة مثلا اصدار قانون أو مرسوم حكومي وفق القواعد القانونية ليستطيع الوزير أن يتدخل في عمل الشرطة مباشرة، ولكن لا يمكنهم أن يفرضوا شيئا على الشرطة أو على رئيسها احتراما لمبدأ حياد الشرطة. جل ما يمكنهم فعله بشكل عام هو اقالة رئيس الشرطة من منصبه، من قبل المجلس البلدي التابع له.
الكلمات الدالة