Sadaonline

ما بعد الاقتراع: الانتخابات الفيدرالية ومشاركة المسلمين الكنديين والجاليات المتنوعة ثقافيًا


أثناء الحملة الانتخابية عبّر المسلمون الكنديون عن قلقهم المتزايد بشأن عدد من القضايا، من أبرزها الحرب المستمرة على غزة

سامر مجذوب* ـ مونتريال

في تحول سياسي لافت، حقق الحزب الليبرالي بقيادة رئيس الوزراء مارك كارني فوزًا ملحوظًا في الانتخابات الفيدرالية الكندية التي أُجريت في 28 أبريل 2025، بحصوله على 168 مقعدًا  دون الأغلبية اللازمة لتشكيل حكومة أكثرية . وجاء هذا الفوز بعد فترة من التراجع في استطلاعات الرأي، وسط تصاعد المخاوف بشأن العلاقات الكندية الأمريكية، خاصة في ظل السياسات  التي تبناها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
تمكنت حملة كارني، التي ركزت على الدفاع عن السيادة الكندية والتفاوض بما يخدم مصلحة الكنديين، من كسب دعم واسع في مختلف أنحاء البلاد. وقد لعبت الجاليات المتنوعة ثقافيًا، بما في ذلك الجالية المسلمة الكندية، دورًا محوريًا في رسم ملامح هذا الانتصار الانتخابي.
في الدوائر الحضرية الكبرى، حيث تشكل هذه الجاليات نسبة ملحوظة من الكتلة الناخبة، كان لحملات التوعية التي نظمتها مؤسسات المجتمع المدني أثر مباشر في رفع نسبة الإقبال على التصويت. وقد ركزت هذه الجهود على ربط البرامج الانتخابية باهتمامات الجاليات، وفي مقدمتها مكافحة الإسلاموفوبيا، والتصدي للتمييز الممنهج، وأزمة السكن.
أثناء الحملة الانتخابية، عبّر المسلمون الكنديون عن قلقهم المتزايد بشأن عدد من القضايا، من أبرزها الحرب المستمرة على  غزة. وتعددت أشكال التعبير عن هذه المخاوف و الاهتمامات ، من خلال المنتديات والمحاضرات والفيديوهات التوعوية والمبادرات المجتمعية، و المقالات والتي شددت على ضرورة الانخراط في الحياة السياسية، والمطالبة باستجابة حكومية تتماشى مع القانون الإنساني الدولي، وتُظهر تضامنًا حقيقيًا مع المدنيين الفلسطينيين.
كما كان لنشطاء الجاليات ومؤسساتها دور فعّال في التأثير على مسار الحملة الانتخابية، من خلال التواصل مع المرشحين، وطرح قضايا جوهرية مثل جرائم الكراهية والمساواة، والضغط من أجل التزامات واضحة وإجراءات عملية.
برزت قضايا السياسة الخارجية، وعلى رأسها الوضع في غزة، في الخطاب الانتخابي بعد أن أصبحت من أولويات عدد متزايد من الناخبين، ما يعكس تطورًا في توقعاتهم تجاه دور كندا في القضايا العالمية.
ورغم ما حققته هذه الانتخابات من تقدم في التمثيل والتأثير السياسي للجاليات المتنوعة، يؤكد نشطاء المجتمع أن الطريق لا يزال طويلاً. ولا تزال الدعوات قائمة لتشريعات أقوى ضد خطاب الكراهية، واستثمارات أكبر في برامج التثقيف المناهض للعنصرية، وخطط عمل واضحة لمكافحة التمييز.
وفي الوقت الذي يُنظر فيه إلى دعم الحكومة المستمر لاستراتيجية كندا لمكافحة العنصرية كخطوة إيجابية، إلا أن العديد من الأصوات تطالب بإصلاحات أكثر جرأة وشمولًا واستدامة.
تُبرز نتائج انتخابات 2025 نضوج المشهد السياسي الكندي، حيث لم تعد الجاليات المتنوعة مجرد متلقٍ للقرارات، بل أصبحت فاعلًا أساسيًا في صياغة التوجهات الوطنية. ويشير هذا الحضور المتنامي إلى تقدم نحو ديمقراطية أكثر شمولاً وعدلاً، تقاوم خطاب الكراهية والانقسام، وتُرسخ قيم المشاركة والتعددية.                                                                                * رئيس المنتدى الإسلامي الكندي

** الصورة من عباس عباس داخل احدى قاعات التصويت في مونتريال