متابعة صدى اونلاين
في كندا كما في دول غربية أخرى، بات الوقوف إلى جانب الفلسطينيين أو الدفاع عن حقهم في التعبير محفوفًا بموجات من التشكيك والاتهام، تتجاوز أحيانًا حدود النقد السياسي إلى حملات ضغط وتشهير. ومع تصاعد الاستقطاب حول الحرب على غزة، أصبح ناشطون ومسؤولون وشخصيات عامة عرضة لاستهداف إعلامي ورقمي يتداخل فيه الجدل المشروع مع خطاب الكراهية والتضليل. وفي هذا المناخ، تجد أميرة الغوابي نفسها في قلب مواجهة تعكس الصراع بين حماية الحريات ومكافحة الكراهية من جهة، ومحاولات إسكات أصوات التضامن من جهة أخرى.
فقد اتهمت منظمة HonestReporting Canada أميرة الغوابي، الممثلة الخاصة المعنية بمكافحة الإسلاموفوبيا، بتجنب الإجابة عن قرارها إنفاق 80 ألف دولار من أموال دافعي الضرائب لتعزيز ما وصفته ب" أجندة أيديولوجية”، على حد تعبير المنظمة. وتساءلت الجهة نفسها عمّا إذا كان “أي شخص في أوتاوا سيحاسب أميرة الغوابي” على ذلك.
التضليل ليس مشروعًا
من جهته، أدان الوزير مارك ميلر ما وصفه بـ"الارتفاع الأخير في التعليقات الكارهة والتهديدات" ضد الغوابي، مشددًا على أن ذلك “مُشين وغير مقبول تمامًا”. وأكد أن الاختلاف في الرأي “مشروع”، لكن “السلوك الضار أو المسيء، بما في ذلك التضليل، ليس مشروعًا”.
Thank you, Minister Miller, for your support.
— Amira Elghawaby (@AmiraElghawaby) December 22, 2025
I'm grateful for the countless number of Canadians who support my mandate and oppose Islamophobia & all hate.
No one should face threats, hate, and mis/disinformation- including while working for a more inclusive Canada for all. 🇨🇦 https://t.co/7naMqEttvE
في المقابل، أعربت أميرة الغوابي عن امتنانها العلني للدعم الذي تلقته من وزير الهجرة مارك ميلر، وقالت في تعليق لها على صفحتها عبر منصة اكس "شكرًا لك، الوزير ميلر، على دعمك. أنا ممتنة للعدد الذي لا يُحصى من الكنديين الذين يدعمون مهمتي ويعارضون الإسلاموفوبيا وكل أشكال الكراهية. لا ينبغي لأيّ شخص أن يواجه تهديدات وكراهية ومعلومات مضلِّلة/غير صحيحة — بما في ذلك أثناء العمل من أجل كندا أكثر شمولًا للجميع."
رفض الاساء والتضليل
كما عبّر المنتدى الإسلامي الكندي / Canadian Muslim Forum عن شكره لميلر، معتبرًا أن موقفه جاء “واضحًا في تسمية الكراهية والتهديدات” التي تستهدف الغوابي. وحذّر المنتدى من أن ترك الإسلاموفوبيا دون مواجهة يؤدي إلى “ضرر حقيقي”، خاصةً مع استمرار بعض الخطابات السياسية في تغذية الخوف والقوالب النمطية والانقسام، مؤكدًا أن حماية النقاش الديمقراطي تتطلب رفض الإساءة والتضليل.
معلومات غير صحيحة
وفي السياق نفسه، أعلن المجلس الوطني للمسلمين الكنديين (NCCM) دعمه لموقف الوزير ميلر، قائلاً إن “مقالات وتغطيات حديثة” بشأن مكتب الممثلة الخاصة تضمنت معلومات “غير صحيحة من الناحية الواقعية”، وإن “الحد الأدنى من البحث” كان كفيلًا بتبيان ذلك. وشدد المجلس على أن كندا مجتمع حر يتيح للناس الاتفاق أو الاختلاف، لكن ما لا يمكن قبوله هو “التهديد بإيذاء المسؤولين، أياً كانوا”، داعيًا إلى تحسين مستوى الخطاب العام بقوله: “لنكن أفضل”.
هجوم على الغوابي ودفاع عنها
الاعلامي جوناثان كي قال في موقف له ان " «محاولة الليبراليين تحويل فضيحة سوء الإدارة المالية الخاصة بـأميرة الغوابي إلى اتهامات زائفة بالعنصرية/الإسلاموفوبيا هي أمر “كلاسيكي” جدًا. وحتى الطريقة التي جعلوا بها مارك ميلر بمثابة “قميص أحمر يمكن التضحية به” في هذا الملف هي من صميم كتاب الليبراليين المدرسي تمامًا".
هذا الموقف استدعى ردا من الناشط ورجل الاعمال محمد فقيه الذي قال في تغريدة له «لا توجد “فضيحة” ولا يوجد أي دليل على سوء إدارة مالية… وليس سرًّا أن تفويض الممثلة الخاصة يتمثل في المساهمة في صياغة السياسات المتعلقة بالإسلاموفوبيا. وهذا يشمل تمويل الأبحاث... أين الدليل على أن 80 ألف دولار ذهبت إلى هذا؟ هذا غير مذكور في مذكرة الاتفاق (MOA). من الواضح أن Blacklock's يتعامل بسرعة وباستخفاف مع الحقائق. لا ينبغي لأي صحفي حقيقي أن يأخذهم على محمل الجد. لذا أعتقد أن حقيقة أنك تفعل ذلك تقول لنا الكثير عنك.. عيد ميلاد مجيد!»
أي نقاش حول الإنفاق العام يجب أن يُبنى على وثائق ومعلومات دقيقة
ويعكس هذا السجال تصاعد الاستقطاب في كندا حول قضايا الهوية وحرية التعبير ومكافحة الكراهية، إضافة إلى تأثير ملف فلسطين وإسرائيل على النقاش العام، حيث تتقاطع ملفات الإسلاموفوبيا والتضليل والتهديدات السياسية في مشهد إعلامي وسياسي متوتر.
لا بد من التأكيد أن الاختلاف مع الغوابي أو نقد أدائها حق مشروع، لكن تحويل ذلك إلى تهديدات أو إساءة أو تضليل يتناقض مع قيم المجتمع الديمقراطي. ونشير إلى أن منصبها قائم على تفويض رسمي لمكافحة الإسلاموفوبيا وكل أشكال الكراهية، وأن أي نقاش حول الإنفاق العام يجب أن يُبنى على وثائق ومعلومات دقيقة لا على اتهامات منصات التواصل. كما أن الهجوم الشخصي عليها يُضعف النقاش العام ويحوّله إلى استهداف أفراد بدل مناقشة السياسات.
ان ما تتعرض له الغوابي لا ينفصل عن خلفية نشاط HonestReporting Canada الذي يركز على تتبع التغطية الصحفية المتعلقة بإسرائيل والشرق الأوسط، وتنتقد ما تعتبره انحيازًا أو تضليلًا في الإعلام ، وهي جهة تُعرف بكونها منظمة مراقبة إعلامية مؤيدة لإسرائيل،
ومن المهم الإشارة هنا الى عدة نقاط في سياق تقييم الهجوم على الغوابي ، حيث نجد انها تُظهر في تصريحاتها العلنية نهجًا يقوم على:
- الدفاع عن حق الفلسطينيين (والعرب والمسلمين) في التعبير والتضامن داخل كندا، والتحذير من “تكميم” الأصوات أو تجريمها، خاصة منذ حرب غزة.
وقد تحدثت في مقابلات صحفية عن شعور كثير من المسلمين والعرب والفلسطينيين في كندا بعدم الأمان للتعبير عن آرائهم بشأن غزة.
- ربط الإسلاموفوبيا بظواهر متقاطعة مثل “العنصرية ضد الفلسطينيين” و”العنصرية ضد العرب”، معتبرة أن هذه الظواهر تؤثر على النسيج الاجتماعي والديمقراطية في كندا.
وقد صرّحت بذلك في بيان رسمي بعد لقاء مع رئيس الوزراء جاستن ترودو.
- رفض التسرّع في إلصاق تهم “معاداة السامية” أو “التعاطف مع الإرهاب” بالمتظاهرين المؤيدين لفلسطين، مع التأكيد أن ذلك قد يكون “خاطئًا ومقلقًا”. وهو موقف أثار انتقادات حادة من جهات مؤيدة لإسرائيل
- إدراج مفهوم “العنصرية ضد الفلسطينيين” في عمل مكتبها/أدلته التوجيهية ضمن إطار مكافحة الكراهية، وهو ما رحّبت به جهات مؤيدة للحقوق الفلسطينية، بينما اعتبرته جهات يهودية ومنظمات مؤيدة لإسرائيل محاولة لتقييد النقد أو إسكات أصوات معينة.
تحية للسيدة اميرة الغوابي التي تواجه التحديات بسبب وقوفها ثابتة بوجه الكراهية ضد الكنديين بشكل عام والمسلمين في كندا بشكل خاص .
* الصورة من صفحتها عبر منصة فيسبوك
59 مشاهدة
23 ديسمبر, 2025
254 مشاهدة
20 ديسمبر, 2025
296 مشاهدة
19 ديسمبر, 2025