Sadaonline

تحيا كيبيك علمانية!

" لدينا حكومة حيادية ونبيلة تدافع عن شرف عَلَمِ كيبيك؟"


د. علي ضاهر

عنوان هذه المقالة "تحيا كيبيك علمانية" استعارة، مع بعض التحوير، من كلمات أطلقها الجنرال ديغول من على شرفة بلدية مونتريال والتي قال فيها عبارته الشهيرة "تحيا كيبيك حرة". ففي 24 تموز (يوليو) 1967، وبينما كان رئيس فرنسا الراحل، الجنرال ديغول، في زيارة رسمية إلى كندا، بمناسبة معرض "مونتريال إكسبو 67 العالمي"، وقف على شرفة مبنى مجلس بلدية مونتريال أمام حشود شعبية غفيرة وهتف "تحيا كيبيك حرة" مما أعطى دفعة قوية لقوى كيبيك الانفصالية وأحدث تأثيراً واسع النطاق على العلاقات الفرنسية الكندية وعلى العلاقات بين كيبيك وبقية كندا أيضًا. كما وان عنوان هذه المقالة "تحيا كيبيك علمانية" يعود ايضا لقصة أرسلها لي أحدهم وتناول فيها موضوع العلمانية بنوع من السخرية السوداء التي تستخدم عادة لإظهار عيوب المجتمع ومؤسساته بطريقة طريفة. واليكم النص كما وردني:

 أشكر الرب لأنني أعيش في كندا وخصوصا في كيبيك، هذه المقاطعة العلمانية الجميلة التي تنادي بحيادية الدولة تجاه الأديان والعقائد وتسعى لخلق بيئة متساوية لجميع المواطنين بغض النظر عن معتقداتهم. أفكر في هذا المجتمع الكيبيكي العلماني في مناسبات عديدة، لكن آخرها كان هذه السنة في عطلة "الميلاد المجيد" التي نعيّد فيها وننتظرها كل سنة بشوق لنمتّع نظرنا بزينة الميلاد الرائعة واضوائه المتلألئة المنتشرة في الشوارع والمحلات، والتي تشعرنا وكأننا في الفاتيكان.

 أثناء "عطلة ميلاد" هذه السنة فكرت بأخذ اولادي لتناول الطعام في أحد المطاعم في المنطقة التي أسكن فيها. خرجت من منزلي الواقع بين مستشفى " القِدّيسة ماري" و"كنيسة سيدة الثلوج" الواقعة على شارع يحمل نفس الاسم. توجهت شمالا في اتجاه شارع "القديسة كاثرين"، حيث تقف عادة مجموعة من المتحمسين امام مدخل المترو، وراء رف صغير عليه نسخ من الانجيل، يحثون الناس للدخول في دين السيد المسيح افواجاً ويدعونهم الى صفوف لدراسة الانجيل مجاناً. أكملت طريقي مرورا بشارع "القديس كيفين" و"كنيسة القديس باسكال بايلون" في طريقي الى مطعم أبنائي المفضل الواقع قرب المستشفى "اليهودي" العام، غير البعيد عن مستشفى "القديسة جوستين". أردت شراء بعض الحاجيات، لكني تذكرت ان صديقا لي كان قد نبهني الى انه في ثاني أيام "الميلاد المجيد" المحلات لا تفتح أبوابها في الصباح. قلت في نفسي لا بأس، يمكننا الذهاب للتزلج بدلا من ذلك في ساحة مدرسة ابني الكبير في كلية "السيدة - نوتردام" الواقعة قرب "كاتدرائية القديس جوزيف" او الذهاب الى التل خلف مدرسة ابني الصغير، مدرسة "القديس جيرمان" المحاذية لكنيسة "القديس جرمان" الكاثوليكية والملاصقة لمدرسة "اسم مريم المقدس" للبنات، أو، في نهاية الأمر، التوجه الى الحديقة غير البعيدة الواقعة في كعب "صليب جبل مون رويال".

 على أية حال، ماذا كنت أقول، آه نعم، من حسن الحظ اننا، وكما لاحظتم من خلال وصف الطريق الذي قطعته لتناول الطعام، نعيش في مجتمع علماني، خالي من الرموز الدينية، تنادي حكومته بعلمانية الدولة وتحارب من أجلها حتى لا نرى معلمة محجبة في مدرسة او مسلماً يصلي في حديقة. ومن نعم الله علينا ان لدينا حكومة حيادية ونبيلة تدافع عن شرف عَلَمِ كيبيك وصليبه الابيض "العلماني" الذي يتوسطه والدال على الديانة الكاثوليكية والذي صممه الكاهن الفيج فلياترو. الا توافقون معي!!!

 خاتمة: اظن ان عبارة "تحيا كيبيك علمانية" لوحدها لم تعد كافية، بل أصبح من الواجب إضافة اليها عبارة "بالروح بالدم نفديك يا علمانية"، خصوصا بعد ان قدم وزير الهجرة والتوطين والتكامل والعلمانية، جان فرانسوا روبيرج، مشروع القانون 84 الذي يطلب من القادم الجديد التوقيع على عقد جديد بينه وبين مقاطعة كيبيك يلتزم فيه، القادم الجديد، رغما عنه الدفاع عن علمانية انتقائية رأينا بعض تجلياتها في القصة الواردة أعلاه.

* الصورة من موقع freepik لاغراض توضيحية فقط


الكلمات الدالة