د. علي ضاهر
أَجْهَشَ الرئيس الأمريكي بالبُكَاء أمام العدسات، زاعماً أنه شاهد صوراً "بشعة" لجرائم ارتكبها الفلسطينيون، ليعود لاحقاً إلى إنكار أنه "شاهدها"، ثم أردف قائلا انه لن يتراجع عن دعمه المطلق لإسرائيل. إدّعى انه يريد دولة فلسطينية ولكنه صوّت ضدها في مجلس الأمن. تبجّح بإرسال مساعدات لتخفيف آلام أهل غزة ولكنه أرسل في نفس الوقت أسلحة لقتلهم. زعم انه يريد معاقبة نتنياهو لكنه أزبد وأرعد حين قام كريم خان بطلب إصدار أمر بتوقيفه. طلب من إسرائيل عدم دخول رفح لكنه لم يحرك ساكنا عند قيامها بذلك. تفلسف بالقول إن العملية العسكرية أدّت إلى مقتل أبرياء ثم قال إن الهجوم على غزة لا يُمثل تجاوزاً لحقوق الإنسان. حذّر إسرائيل من إنتهاك القانون الدولي لكنه مدّها بالسلاح الفتّاك رغم انتهاكها لجميع القوانين.
إنها مواقف محيّرة، صعبة التصنيف وتدفع، من يحاول تصنيفها الى الاِسْتِنارَة بمعاجم اللغة العربية علّها تشفي غليله فيجد مبتغاه! فتحت معجما وتصفّحت مادة "النفاق" لأرى ان كانت تناسب ما يقوم به جو بايدن، فوجدت التفسير التالي : النفاق هو إِظْهَارُ الْمَرْءِ خِلاَفَ مَا يُبْطِنُ! تمهّلت قليلا قبل وسمه بالنفاق خوفا من ظلمه. عرّجت على باب "الرياء" فوقع نظري على التعريف التالي: الرِّياءُ إظهارُ جميلِ الفِعلِ رَغبةً في حمدِ النَّاسِ.
الجدير بالذكر ان الفرق بين النفاق والرياء يتمثل بالتالي: الأصلُ في الرِّياءِ الإظهارُ بينما الأصلُ في النِّفاق الإخفاءُ. وهنا أيضا تأنية التمهل قبل إلصاق صفة الرياء به خوفا من إرتكاب ذنب بحقه. توجّهت الى باب الكذب حيث صادفت التعريف التالي "الكذب: عدم مطابقة الخبر للواقع"! فإزدادت حيرتي ولم أعد أعرف بما أنعته. دفعني ذلك الى الاِسْتِئْنَاس بمواد أخرى من المعاجم، علّني أجد بينها ما يناسب "جو النعسان" - حسب اللقب الذي أطلقه ترامب عليه - فصادفت عددا كبيرا من النعوت والأسماء مثل: خِدَاع، غِشّ، وَلْس، إِخْتِلاق، إِفْتِئَات، إِفْتِراء، إِفْك، بُطْل، بُهْتان، تضْلِيل، تَخَرُّص، تَدْجِيل، تَزْوِير، تَزْيِيف، تَلْفِيق، جَهَالَة، دَجَل، زٌور، زَعْم، ضَلاَل، عَضِيهَة، غِوَايَة، فَجْر، فَنَد، فِرْيَة، مَكْر، مَيْن، مُخَاتَلَة، مُدَاهَنَة، هِتْر، وَكْع، إِثْم، ذنْب، أَلْس، جُنُون، غَدْر، إِنْمال، نَّمِيمَة، إِفْسَاد، شَرّ، بَرْقَلَة، بَشْك، إِسْرَاع، ضَيَاع، فَسَاد، بَطِيط، عَجَب، بُقَر، مُصِيبَة، حَيْرَة، الخ، الخ، الخ! من كثرة كلمات معاجم لغة الضاد الصالحة لوصف بايدن! ضعت في اختيار الكلمة المناسبة لوسمه بها فوقعت في معضلة الإختيار. فكّرت ان أحسن طريقة لحل هذه المعضلة تقتضي التوجّه الى صديق ضليع في خفايا اللغة العربية وخباياها. سألته عن أفضل توصيف لما يقوله ويفعله بايدن. لم يفكر ولم يحتار وما كان منه إلا ان ابتسم وقال: يا صديقي، لا تهتم ولا تغتم، إطلق على بايدن اي من هذه الصفات او إطلقها كلها، فلن تخطئ ولن تشعر بتأنيب الضمير!
عدت الى البيت مرتاحا للنصيحة. فتحت هاتفي ورحت أنظر الى الرسائل الواردة. من محاسن الصدف ان وقع نظري على وتسآب أعجبني ويتلاءم مع الموضوع، فأحببت ان أنقله مع قليل من التحريف وبعض التحفظ: "المنافق يصدّق محرقة لم يشاهدها لكنه لا يصدّق محرقة تنقل من غزة على الهواء مباشرة"!
*صورة المادة الخبرية من موقع freepik لأغراض توضيحية.
178 مشاهدة
03 أكتوبر, 2024
190 مشاهدة
03 أكتوبر, 2024
105 مشاهدة
27 سبتمبر, 2024