Sadaonline

ترودو يعلن استقالته من زعامة الحزب الليبرالي ويعلّق أعمال البرلمان حتى أذار/مارس

يعتبر هذا القرار بمثابة بداية مرحلة جديدة للحزب الليبرالي

أعلن رئيس وزراء كندا، جاستن ترودو  استقالته من منصب زعيم الحزب الليبرالي الكندي، في خطوة مفاجئة من شأنها أن تؤثر بشكل كبير على الساحة السياسية في البلاد. في إعلان تاريخي أمام مقر إقامته الرسمي "ريديو كوتيدج" Rideau Cottage، أكد ترودو أنه سيظل في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار خليفة له من خلال عملية قيادة شاملة على مستوى البلاد.

وقال ترودو في بيانه: "لقد أصبح من الواضح لي أنني إذا كنت مضطراً لخوض معارك داخلية في الحزب، فلن أتمكن من تقديم أفضل خيار للبلاد في الانتخابات القادمة". وأوضح أن استقالته ستتم بعد أن يكمل الحزب الليبرالي عملية اختيار زعيمه الجديد عبر عملية تنافسية، مؤكداً أن هذا القرار جاء بعد تفكير طويل.

وأشار ترودو إلى أن قراره جاء بسبب "الصراعات الداخلية" داخل الحزب، التي منعته من تقديم القيادة الفعالة التي تحتاجها كندا في هذه المرحلة المهمة. وأضاف: "أردت دائمًا تقديم الأفضل لهذا البلد، لكنني أصبحت مقتنعًا أنني لن أتمكن من تحقيق ذلك إذا كنت مضطراً إلى مواجهة صراعات داخلية مستمرة". وأضاف أن "البلاد تستحق خيارًا حقيقيًا في الانتخابات المقبلة".

ترودو يعلق أعمال البرلمان

في نفس السياق، طلب ترودو من الحاكمة العامة ماري سايمون تعليق أعمال البرلمان حتى 24 أذار/مارس 2025. هذا القرار جاء بعد أشهر من الجمود السياسي في البرلمان الكندي، حيث ظل العمل التشريعي متوقفًا بشكل شبه كامل بسبب الخلافات السياسية المستمرة. 
وصرح ترودو قائلاً: "لقد عملنا جاهدين خلال الأشهر الماضية لمحاولة تجاوز هذا الوضع، لكن من الواضح أن البرلمان كان مشلولًا بسبب هذه الصراعات. حان الوقت لإعادة التوازن، وفتح المجال لحزبنا لاختيار الزعيم الجديد من خلال عملية انتخابية شاملة".

تأثير القرار على السياسة الكندية

إعلان ترودو يأتي في وقت حساس بالنسبة للحكومة الكندية، في ظل الضغط المتزايد من أعضاء الحزب الليبرالي، الذين شعروا بضرورة إجراء تغييرات جذرية في القيادة قبل الانتخابات الفيدرالية المقبلة في عام 2025. وفي اجتماع صباح يوم الاثنين، أفادت مصادر من داخل مكتب رئيس الوزراء بأن المستشارين الرئيسيين لترودو، وعلى رأسهم رئيسة موظفيه كاتي تيلفورد، كانوا قد أبلغوا الفريق التنفيذي في المكتب بعدم وجود خيار مستقبلي لقيادة ترودو بعد فقدان الدعم داخل الحزب.
وقد أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة تراجعًا في شعبية الحزب الليبرالي، وهو ما دفع العديد من أعضاء الحزب من مختلف المقاطعات (أونتاريو، أتلانتيك، كيبيك وبريتش كولومبيا) إلى دعوة ترودو للاستقالة والتمهيد لإجراء انتخابات قيادة. وتحدث بعض النواب عن قلقهم من أن استمرار ترودو في قيادة الحزب قد يعرض فرص الحزب في الانتخابات المقبلة للخطر.

توجهات الحزب الليبرالي بعد الاستقالة

يعتبر هذا القرار بمثابة بداية مرحلة جديدة للحزب الليبرالي، حيث سيتعين على الحزب اتخاذ خطوات سريعة لإيجاد خليفة لترودو. وبحسب الدستور الحزبي، سيتم استدعاء اجتماع لمجلس إدارة الحزب الوطني في غضون 27 يومًا من إعلان الاستقالة، حيث سيجري التنسيق مع أعضاء البرلمان لتحديد آلية انتخاب الزعيم الجديد. ومن المتوقع أن يتضمن هذا الاجتماع تحديد موعد الانتخابات القيادية، بالإضافة إلى الترتيبات اللازمة لإجراء انتخابات في وقت قصير.

وقد أوضح ترودو أنه في الوقت الذي يتم فيه اختيار زعيم جديد، سيبقى في منصب رئيس الوزراء لمواصلة مهامه حتى يتم إتمام عملية القيادة بشكل كامل. وتهدف هذه الخطوة إلى تجنب أي فراغ سياسي في حكومة أقلية، حيث ستكون هناك تصويتات حاسمة على الثقة في البرلمان في الأشهر المقبلة.

ترودو: "حارب من أجل الطبقة الوسطى"

وفي حديثه عن إرثه السياسي، أشار ترودو إلى فخره بما حققه من إنجازات، قائلاً: "لقد عملت دائمًا على دعم الطبقة الوسطى وتحسين الحياة اليومية للعائلات الكندية، وتمكنا من تقليص معدلات الفقر بشكل كبير". كما أشار إلى أنه فخور بمساهماته في مجال المصالحة مع السكان الأصليين في كندا.

ومع ذلك، اعترف ترودو بوجود ندم في مسيرته، مشيرًا إلى أنه كان يتمنى لو تمكن من تنفيذ وعده بإصلاح النظام الانتخابي في كندا، وهو الملف الذي ظل دون تغيير منذ سنوات.

أزمة سياسية غير مسبوقة

قرار ترودو جاء في وقت بالغ الأهمية بالنسبة للساحة السياسية الكندية، حيث يعاني الحزب الليبرالي من انقسام داخلي كبير نتيجة استقالة نائبة رئيس الوزراء كريستيا فريلاند في كانون الأول/ديسمبر 2024. وكان من المتوقع أن يواجه الحزب تحديات كبيرة في الفترة المقبلة، خاصة في ظل تزايد الضغط من خصومه السياسيين في حزب المحافظين وحزب الديمقراطيين الجدد (NDP).

إضافة إلى ذلك، يشهد البرلمان الكندي حالة من الشلل التشريعي، حيث تم تعليق العديد من المشاريع والقوانين، بما في ذلك تلك المتعلقة بالقضاء على المحتوى الضار على الإنترنت، بعد أن فشل البرلمان في إقرار العديد من القرارات الهامة.

الخطوات المقبلة

من المتوقع أن تشهد الفترة القادمة مزيدًا من النقاشات داخل الحزب الليبرالي حول كيفية تحديد خليفة ترودو، وتعيين قائد جديد يواجه تحديات انتخابية كبيرة في العام 2025. وفي الأثناء، ستعمل حكومة ترودو على تنفيذ القرارات المؤقتة المتعلقة بإدارة شؤون البلاد خلال فترة تعليق أعمال البرلمان، والتي من المقرر أن تنتهي في أذار/مارس 2025.

*صورة المادة الخبرية من صفحة جاستن ترودو على الفيسبك.