Sadaonline

الى متى الظلم ؟... معالم بارزة في النجف غائبة عن الناس

الزراعة اندثرت، والمياه قُطعت، والبيئة تلوثت، والطيور هاجرت

محسن الجابري - مونتريال

بالرغم من محاولات طمس معالمها البارزة تبقى النجف الأشرف عالية شامخة رغم تكاثر الأعداء والحاقدين والطامعين والحسّاد.

هنا اود ان اشير الى الخصائص الفريدة لمدينة النجف سيما من عدة نواحي منها الناحية الزراعية وغيرها ، وما فيها من رز العنبر الشهير، وطرشي النجف، ودهينة أبو علي الشهيرة، والخضروات والفواكه التي تمتاز بنكهات لذيذة وفريدة.

حيث تُشير الدلائل إلى خصائص تلك التربة البكر المتجددة، الغنية بالأملاح والمعادن، والمطهّرة بقرب جثامين أولياء الله الطاهرين،

أمثال:

            •           أبو البشرية آدم عليه السلام

            •           أبو البشرية الثاني نوح عليه السلام

            •           أنبياء الله هود وصالح وغيرهم من الأنبياء والصالحين.

 رز العنبر النجفي المشهور

يُزرع رز العنبر النجفي في النجف الأشرف ونواحيها، مثل: المشخاب، الشامية، أبو صخير (الجعارة سابقًا)، وغيرها من المناطق الممتدة حتى محافظة الديوانية.

وبالمناسبة، ذكرت اسم الجعارة، المعروفة حاليًا بـ أبو صخير. سُمّيت بذلك نتيجة "الجعير"، أي صوت هدير الماء الغزير. أهل المنطقة كانوا يطلقون على الأصوات المرتفعة اسم "الجعير"، وبتأنيثها أصبحت “الجعارة”، أي المنطقة التي كانت غزيرة المياه القادمة من نهري دجلة والفرات، والبحيرات، والأمطار، والعيون، والآبار.

جاء العثمانيون، واحتلوا العراق، وعبثوا بالأرض، وظلموا العباد والبلاد.أغلقوا مجاري المياه في تلك المناطق الزراعية الغنية، وجلبوا الصخور والأحجار لإغلاقها، وحرمان أهلها من المياه.

ومن هنا تغيّر اسم المنطقة من "الجعارة" إلى "أبو صخير"، لكثرة الصخور التي جلبها العثمانيون. قاموا كذلك بقطع الشرايين المائية المغذية للمنطقة، كمنطقة الجعارة (ناحية الحيرة)، المعروفة تاريخيًا بأنها عاصمة المناذرة.

فأفسد العثمانيون كل شيء، حتى البيئة، كما منعوا السفن من الرسو في ميناء النجف ، لقطع التجارة مع الصينيين، والهنود، وجنوب شرق آسيا، والأوروبيين.

النشاط التجاري والعلمي

كانت النجف حافلة بالحركة والنشاط، في التجارة، والسياحة، والعلم، وكانت فيها جامعات، معاهد، جمعيات، ومؤسسات ثقافية تشع بالمعرفة.

فالنشاط التجاري والعلمي والتصديري والصناعي كان متنوعًا، وكان يُستثمر في الطاقات والمواهب النجفية المميزة.

فمن الأمثلة والشواهد:

            •           جامعة الكلنتر

            •           كلية الفقه

            •           جامع الهندي

            •           جامع الطوسي

            •           جامع الترك وغيرها، حيث كانت تُدرّس فيها مختلف العلوم، من الفلسفة، والأصول، والأدب، والعقيدة، والتاريخ، والآثار، واللغات، وحتى الطب.

امتازت النجف الأشرف باحترام العقل، والانفتاح، ورفض الجمود والتعصب، وكانت أول من كرم العلماء والمخترعين في ما يُعرف الآن بـ "براءة الاختراع".

وقد كُتب على مدارسها: [باب الاجتهاد مفتوح للجميع]، أي أن كل من يملك العلم والموهبة، بغض النظر عن العرق أو اللون، له الحق في الدخول إلى هذه المدرسة العلمية الفريدة.

النشاط الصناعي:

في حي الصناعي كانت تُصنّع السيارات (دك النجف)،

وفي سوق الصفارين، كانت تُنتج الأدوات الزراعية والكهربائية.

وسوق الصاغة ما زال يصنع أجمل المصوغات،

وسوق العطور (أبو الريحة) ينتج أزكى العطور،

وسوق العبايجية والخياطين والنسيج والنجارين والأطباء والحدادين…

كلها كانت تعجّ بالحياة، وبالأيادي العاملة من النجف والأجانب الزائرين الذين استقروا فيها.

الزراعة اندثرت، والمياه قُطعت، والبيئة تلوثت، والطيور هاجرت، والكفاءات العلمية هُجّرت أو اغتيلت.

فبالله عليكم، إلى متى تبقى الضمائر نائمة، والأقلام الحرّة صامتة، عن شعوب تُباد، وتُسحق؟

إلى متى؟ إلى متى؟ إلى متى؟